وقال النعمان في صلاة الليل: إن شئت فصلِّ بتكبيرة ركعتين، وإن شئت أربعًا، وإن شئت ستًّا، وقال يعقوب، ومحمد: صلاة الليل مثنى مثنى، وقال النعمان: وأما صلاة النهار، فصلِّ بتكبيرة ركعتين، وإن شئت أربعًا.
وكان إسحاق ابن راهويه يقول: الذي نختار له أن تكون صلاته بالليل مثنى مثنى، إلا الوتر، فإن له أحكامًا مختلفة، وأما صلاة النهار، فأختار أن يصلي قبل الظهر أربعًا، وقبل العصر أربعًا، وضحوة أربعًا؛ لما جاء عن ابن مسعود، وعلي، وابن عمر -رضي اللَّه عنهم- من وجه واحد، فإن صلى بالنهار ركعتين ركعتين كان جائزًا.
وذهبت طائفة: إلى أن صلاة الليل والنهار يجزيك التشهد في الصلاة إلا أن تكون لك حاجة، فتسلّم، هكذا قال إبراهيم، وقال عطاء كذلك، وقال الأوزاعي: الرجل في سعة من صلاة النهار أن لا يسلّم من كلّ ثنتين، وأن يفصل بعضها عن بعض بعد أن يتشهد في كل ثنتين.
قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: صلاة الليل مثنى مثنى؛ لحديث ابن عمر. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: الأرجح عندي، استحباب صلاة الليل مثنى مثنى؛ لأحاديث الباب، وغيرها، وأما صلاة النهار، فإن شاء صلى ركعتين، وإن شاء صلى أربعًا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في حكم الوتر:
قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: دلّت الأخبار على أن فرائض الصلوات خمس، وسائرهنّ تطوّع، وهو قول عوامّ أهل العلم، غير النعمان، فإنه خالفهم، وزعم أن الوتر فرض، وهذا القول مع مخالفته للأخبار الثابتة عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خلاف ما عليه عوامّ أهل العلم، عالمهم، وجاهلهم، ولا نعلم أحدًا سبقه إلى ما قال، وخالفه أصحابه، فقالوا كقول سائر الناس. انتهى.
وقال الإمام أبو عبد اللَّه محمد بن نصر المروزيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "كتاب الوتر": افترض اللَّه على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأمته أول ما افترض ليلة أُسري به خمس صلوات في اليوم والليلة، فأخبر النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك أمته، ثم لم يزل بعد هجرته، وقدومه المدينة، ونزول الفرائض عليه، فريضة بعد فريضة، من الزكاة، والصيام،