قال في "الفتح": ولم تَخْتَلِف الروايات عن الزهريّ في تعيين الوقت، واختَلَفت الروايات عن أبي هريرة وغيره، قال الترمذيّ: رواية أبي هريرة أصحّ الروايات في ذلك، ويُقَوِّي ذلك أن الروايات المخالفة اختُلِف فيها على رُواتها. انتهى.
[تنبيه]: اختَلَفت الروايات في تعيين وقت النزول على ستّة:
[إحداها]: هذه الرواية التي فيها: "حين يبقى ثلث الليل الآخر"، قال الإمام الترمذيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا أصحّ الروايات في ذلك، وقال الحافظ العراقيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أصحّها ما صحّحه الترمذيّ، وقال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ويُقوّي ذلك أن الروايات المخالفة له اختُلِف فيها على رُواتها.
[الثانية]: "حين يمضي الثلث الأول"، وهي الرواية التالية للمصنّف.
[الثالثة]: "حين يبقى نصف الليل الآخر"، وفي لفظ:"إذا كان شطر الليل"، وفي آخر:"إذا مضى شطر الليل".
[الرابعة]: "ينزل اللَّه تعالى شطر الليل، أو ثلث الليل الآخر" على الشكّ، أو التنويع.
[الخامسة]: "إذا مضى نصف الليل، أو ثلث الليل" أي: الأول، وفي لفظ:"إذا ذهب ثلث الليل، أو نصفه".
[السادسة]: الإطلاق.
فسَلَك بعضهم طريق الجمع، وذلك أن تُحمَل الروايات المطلقة على المقيدة، وأما التي بـ "أو"، فإن كانت "أو" للشك، فالمجزوم به مقدَّمٌ على المشكوك فيه، وإن كانت للتردد بين حالين، فيُجْمَع بذلك بين الروايات، بأن ذلك يقع بحسب اختلاف الأحوال؛ لكون أوقات الليل تختلف في الزمان، وفي الآفاق، باختلاف تقدم دخول الليل عند قوم، وتأخره عند قوم.
وقال بعضهم: يَحْتَمِل أن يكون النزول يقع في الثلث الأول، والقول يقع في النصف، وفي الثلث الثاني.
وقيل: يُحْمَل على أن ذلك يقع في جميع الأوقات التي وردت بها الأخبار، ويُحْمَل على أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أُعلِم بأحد الأمور في وقت، فأَخبَر به، ثم