للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أُعلم به في وقت آخر، فأخبر به، فنَقَلَ الصحابة ذلك عنه، واللَّه أعلم. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الأقرب عندي أن يُحْمَل على اختلاف الأوقات، قال الإمام ابن حبّان -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيحه" (٣/ ٢٠١) ما نصّه: في خبر مالك، عن الزهريّ الذي ذكرناه أن اللَّه ينزل حتى يبقى ثلث الليل الآخر، وفي خبر أبي إسحاق، عن الأغرّ، أنه ينزل حتى يذهب ثلث الليل الأول، ويَحْتَمِلُ أن يكون نزوله في بعض الليالي حتى يبقى ثلث الليل الآخر، وفي بعضها حتى يذهب ثلث الليل الأول، حتى لا يكون بين الخبرين تهاترٌ ولا تضادٌ. انتهى (٢)، وهو تحقيقٌ حسنٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم.

(فَيَقُولُ: مَنْ) استفهاميّة مبتدأ، خبره جملة قوله: (يَدْعُونِي) وقوله: (فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟) بالنصب على جواب الاستفهام، كما قال في "الخلاصة":

وَبَعْدَ فَا جَوَابِ نَفْيٍ أَوْ طَلَبْ … مَحْضَيْنِ "أَنْ" وَسَتْرُهُ حَتْمٌ نَصَبْ

ويجوز رفعه على الاستئناف بتقدير مبتدأ؛ أي: فأنا أستجيب له، وكذا قوله: "فأعطيه"، و"أغفِر له"، وقد قرئ بهما في قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} الآية [الحديد: ١١]، وليست السين في قوله تعالى: "فأستجيب" للطلب، بل أستجيب بمعنى أُجيب، وذلك لتحوُّل الفاعل إلى أصل الفعل، نحو استحجرَ الطينُ.

[فإن قلت]: ليس في وعد اللَّه خُلْفٌ، وكثيرٌ من الداعين لا يُستجاب لهم.

[أجيب]: إنما ذاك لوقوع الخلل في شرط من شروط الدعاء، مثل الاحتراز في المطعم والمشرب والملبس، أو لاستعجال الداعي، أو يكون الدعاء بإثم، أو قطيعة رَحِمٍ، أو تحصل الإجابة ويتأخر حصول المطلوب إلى وقت آخر، يريد اللَّه وقوع الإجابة فيه، إما في الدنيا، وإما في الآخرة، أفاده في "العمدة" (٣).


(١) "الفتح" ٣/ ٣٨.
(٢) "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبّان" ٣/ ٢٠٢.
(٣) "عمدة القاري" ٧/ ٢٠١.