للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَمَنْ يَسْأَلْنِي فَأُعْطِيَهُ؟) بالنصب، والرفع على ما سبق بيانه.

(وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ ") قال في "الفتح": لم تختلف الروايات على الزهريّ في الاقتصار على الثلاثة المذكورة، وهي الدعاء، والسؤال، والاستغفار، والفرق بين الثلاثة أن المطلوب إما لدفع المضارّ، أو جلب المسارّ، وذلك إما دينيّ، وإما دنيويّ، ففي الاستغفار إشارة إلى الأول، وفي السؤال إشارة إلى الثاني، وفي الدعاء إشارة إلى الثالث.

وقال الكرمانيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يَحْتَمِل أن يقال: الدعاء ما لا طلب فيه، نحو يا اللَّه، والسؤال: الطلب، وأن يقال: المقصود واحد، وإن اختلف اللفظ. انتهى.

وقال الكرماني [فإن قلت]: ما الفرق بين الدعاء والسؤال؟.

[قلت]: المطلوب إما لدفع غير الملائم، وإما لجلب الملائم، وذلك إما دنيويّ، وإما دينيّ، فالاستغفار، وهو طلب ستر الذنوب إشارة إلى الأول، والسؤال إلى الثاني، والدعاء إلى الثالث، والدعاء ما لا طلب فيه، نحو قولنا: يا اللَّه، يا رحمن، والسؤال هو الطلب، والمقصود واحد، واختلاف العبارات لتحقيق القضية وتأكيدها. انتهى (١).

وزاد في رواية أحمد: "هل من تائب، فأتوبَ عليه وزاد في رواية له أيضًا: "من ذا الذي يسترزقني، فأرزقَهُ، من ذا الذي يستكشف الضرَّ، فأكشف عنه"، ومعانيها داخلة فيما تقدم. انتهى (٢).

وأخرج أحمد، والدارميّ من طريق عطاء مولى أم صُبَيّة، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لولا أن أشُقّ على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، ولأخّرت عشاء الآخرة إلى ثلث الليل الأول، فإنه إذا مضى ثلث الليل الأول، هَبَطَ اللَّه تعالى إلى السماء الدنيا، فلم يزل هناك حتى يطلع الفجر، فيقول قائل: ألا سائلٌ يُعطَى، ألا داعٍ يجابٍ، ألا سقيمٌ يَستَشْفِي فيشفى، ألا مذنبٌ يستغفر، فيغفر له"، وأخرجها أيضًا بسند


(١) راجع: "عمدة القاري" ٧/ ٢٠١.
(٢) "الفتح" ٣/ ٣٨.