للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما قوله: "فقد قضى ما عليه"، ففيه تصريح بالإنكار أيضًا من أبي سعيد. انتهى كلام النوويّ رحمه الله تعالى (١).

وقال القرطبيّ رحمه الله تعالى: قوله: "فقام إليه رجل … إلخ": مقتضى هذا السياق أن المنكر على مروان رجلٌ غير أبي سعيد، وأن أبا سعيد مُصوّبٌ للإنكار، مستدلّ على صحّته، وفي الرواية الأخرى أن أبا سعيد هو المنكر، والمستدلّ، ووجه التوفيق بينهما أن يقال: إن كلّ واحد من الرجل وأبي سعيد أنكر على مروان، فرأى بعض الرواة إنكار الرجل، ورأى بعضهم إنكار أبي سعيد، وقيل: هما واقعتان في وقتين، وفيه بُعْدٌ. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله تعالى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي استبعده القرطبيّ من حمله على تعدد الواقعة، قد قوّاه الحافظ في "الفتح"، وذكر أيضًا أن يكون الرجل هو أبا مسعود الأنصاريّ - رضي الله عنه -؛ لأنه كان حاضرًا تلك الواقعة، كما بيّنه عبد الرزاق في روايته.

والحاصل أن الحمل على تعدد الواقعة أقرب الاحتمالات، والله تعالى أعلم.

(فَقَالَ) الرجل منكرًا على مروان في تغييره السنّة (الصَّلَاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ) أي إن السنّة أن تقدّم صلاة العيد على خطبته؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - وكان يفعل ذلك، فقد أخرج الشيخان من حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأوّلُ شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف، فيقوم مُقَابِلَ الناس، والناس جلوس على صفوفهم، فيعظهم، ويوصيهم، ويأمرهم، فإن كان يريد أن يَقْطَع بَعْثًا قطعه، أو يأمر بشيء أَمَر به، ثم ينصرف … " الحديث.

(فَقَالَ) أي مروان ردًّا على الرجل (قَدْ تُرِكَ) بالبناء للمفعول (مَا) موصولة أي استقرّ (هُنَالِكَ) في ذلك الزمان من تقديم الصلاة على الخطبة.

[تنبيه]: قوله: "هنالك" ظرف زمان، فإنها وإن كان الغالب أن تُستعمل ظرف مكان، كما قال في "الخلاصة":


(١) "شرح مسلم" ٢/ ٢١ - ٢٢.
(٢) "المفهم" ١/ ٢٣٢.