(وَتَصُومَ رَمَضَانَ) الصوم: هو الإمساك مطلقًا، ومنه قوله تعالى: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} الآية [مريم: ٢٦]: أي إمساكًا عن الكلام، وقال الشاعر [من البسيط]:
خَيْلٌ صِيَامٌ وَخَيْلٌ غَيْرُ صَائِمَةٍ … تَحْتَ الْعَجَاجِ وَأُخْرَى تَعْلِكُ اللُّجُمَا
أي ممسكة عن الحركة. وهو في الشرع: إمساك جميع أجزاء اليوم عن أشياء مخصوصة، بشرط مخصوص. قاله القرطبيّ.
وقوله: "رمضان" أي الشهر المسمّى بهذا الاسم، وهو من رَمِضَ: إذا احترق من الرمضاء، وسمّي به لارتماضهم من حرّ الجوع، أو من حرارة الزمان الذي وقع فيه، أو لأنه تحترق به الذنوب، وتمحى به العيوب، أو لأنه تزول معه حرارة الشهوات.
وفيه جواز ذكره من غير إضافة اسم "شهر" إليه، وهو الصحيح، وما ورد من ذلك؛ لا يصحّ، وسيأتي تمام البحث في هذا في "كتاب الصيام" - إن شاء الله تعالى -.
(وَتَحُجَّ الْبَيْتَ) أي الحرام، فـ "أل" للعهد، أو هو اسم جنس، غَلَب على الكعبة، وصار علمًا لها، فاللام فيه جزء، كـ "النجم"، قال في "الخلاصة":
وَقَدْ يَصِيرُ عَلَمًا بِالْغَلَبَهْ … مُضَافٌ أوْ مَصْحُوبُ "أَلْ" كَـ "الْعَقَبَهْ"
والحجّ: لغة القصد، أو القصد المتكرّر مطلقًا، أو إلى معظّم، قال الشاعر [من الطويل]:
وَأَشْهَدُ مِنْ عَوْفٍ حُلُولًا كَثِيرَةً … يَحُجُّونَ سِبَّ الزِّبْرِقَانِ الْمُزَعْفَرَا
وهو في الشرع: القصد إلى بيت الله المعظّم في وقت مخصوص؛ لفعل عبادة مخصوصة، والحجّ بالفتح المصدر، وبالكسر الاسم، وقُرئ بهما: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} الآية [آل عمران: ٩٧] أآل عمران: ٩٧]. وسيأتي بيان كلّ ذلك مستوفى في مَحَلِّهِ من هذا الشرح - إن شاء الله تعالى -.
وفي رواية ابن حبّان في "صحيحه" من طريق سليمان التيميّ، عن يحيى بن يعمر: "وتحج، وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وتُتِمّ الوضوء … " الحديث.
(إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ) أي إلى البيت، أو إلى الحج، أي إن أمكن لك