للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حيله مرّةً بعد أخرى حتى يتخلّص منه بالكلّيّة، ويذهب لسبيله بلا مانع ولا منازع، بخلاف من أطاع الشيطان حتى يتمكّن من النفس الأمارة، يضرب العقد على قافية رأسه، فهل يستويان؟ {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٢)} [الملك: ٢٢]. انتهى (١).

وقوله: (وَإِلَّا) ليست أداة استثناء، وإنما هي "إن" الشرطيّة أُدغمت في "لا" النافية؛ أي: وإن لم يفعل ما ذُكر من الذكر، والوضوء، والصلاة (أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ) أي: بتركه ما كان اعتاده، أو أراده من فعل الخير، كذا قيل، وقد تقدم ما فيه، قاله في "الفتح".

وقال النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه: لِمَا عليه من عُقَد الشيطان وآثار تثبيطه، واستيلائه، مع أنه لم يزل ذلك عنه. انتهى.

وقال القرطبيُّ: قوله: "أصبح خبيث النفس" أي: بشؤم تفريطه، وبإتمام خديعة الشيطان عليه؛ إذ قد حمله على أن فاته الحظّ الأوفر من قيام الليل.

وقوله: "كسلان" أي: متثاقلًا عن الخيرات، فلا يكاد تسخو نفسه، ولا تخفّ عليها صلاةً ولا غيرها من القربات، وربّما يحمله ذلك على تضييع الواجبات. انتهى (٢).

وقوله: (كَسْلَانَ") غير منصرف للوصف، ولزيادة الألف والنون، وهو مذكّر كَسْلَى، وقد وقع لبعض رواة "الموطّأ": "كسلانًا" مصروفًا، وليس بشيء، قاله القرطبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٣).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قوله: "وليس بشيء" فيه نظرٌ؛ لأنه إن صحّ رواية فله وجه صحيح في العربيّة، وذلك أن يُحمل على لغة بني أسد، فإنهم يصرفون كل صفة جاء على فعلان، كسكران، وعطشان، وغضبان؛ لأنهم يؤنّثونه بالتاء، ويستغنون بفعلانة عن فَعْلَى، بخلاف لغة غيرهم من العرب (٤)، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١٢٠١.
(٢) "المفهم" ٢/ ٤٠٩ - ٤١٠.
(٣) "المفهم" ٢/ ٤١٠.
(٤) راجع: "حاشية الخضري على شرح ابن عقيل على الخلاصة" ٢/ ١٥٤.