للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَمَلُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟) أي: من الصلاة، والصوم وغيرهما؟ وقوله: (هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الأَيَّامِ؟) بدل من "كيف كان. . . إلخ"؛ يعني: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- هل كان يخصّ بحض الأيام بعبادة مخصوصة لا يفعل مثلها في غيره؟ (قَالَتْ) عائشة -رضي اللَّه عنها-: (لَا) أي: ما كان يخصّ بعض الأيام بشيء من العبادة.

قال في "الفتح": وقد استُشكل قولها هذا بما ثبت عنها أن أكثر صيامه كان في شعبان كما سيأتي تقريره في "كتاب الصيام"، وبأنه كان يصوم أيام البيض، كما ثبت في "السنن".

وأجيب بأن مرادها تخصيص عبادة معينة في وقت خاص، وإكثاره الصيام في شعبان إنما كان؛ لأنه كان يعتريه الْوَعْك كثيرًا، وكان يكثر السفر في الغزو، فيفطر بعض الأيام التي كان يريد أن يصومها، فيتفق أن لا يتمكن من قضاء ذلك إلا في شعبان، فيصير صيامه في شعبان بحسب الصورة أكثر من صيامه في غيره، وأما أيام البيض فلم يكن يواظب على صيامها في أيام بعينها، بل كان ربما صام من أول الشهر، وربما صام من وسطه، وربما صام من آخره، ولهذا قال أنس -رضي اللَّه عنه-: ما كنت تشاء أن تراه صائمًا من النهار إلا رأيته، ولا قائمًا من الليل إلا رأيته. انتهى (١).

(كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً) -بكسر الدال المهملة، وسكون التحتانية- أي: دائمًا، والدِّيمة في الأصل: المطر المستمرُّ مع سكون، بلا رَعْد ولا بَرْق، ثم استُعْمِل في غيره، وأصلها الواو، فقُلبت ياءً؛ لانكسار ما قبلها.

(وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ) وفي رواية للبخاريّ في "كتاب الصوم": "يُطيق" في الموضعين (مَا) موصولة مفعول "يستطيع" (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَسْتَطِيعُ؟) هكذا في النسخ بحذف العائد، وهو جائزٌ، كما نبّهت عليه قريبًا، وفي بعض النسخ: "ما كان يستطيع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-"؛ أي: الذي يستطيعه -صلى اللَّه عليه وسلم-، من العبادة كميّةً كانت، أو كيفيةً، من خشوع، وخضوع، وإخبات، وإخلاص.

[تنبيه]: أخرج المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "كتاب الصيام" ما يعارض حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- هذا من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- نفسِها مما يقتضي نفي المداومة، وهو ما


(١) "الفتح" ١١/ ٣٠٥.