للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل، قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معنى "يستغفر" يدعو. انتهى. وبدلّ عليه رواية ابن حبّان في "صحيحه" (١) من طريق أيوب، عن هشام بلفظ: "إذا نَعَس الرجل، وهو يصلّي، فلينصرف، لعله يكون يدعو في صلاته، فيدعو على نفسه، وهو لا يدري" (فَيَسُبَّ نَفْسَهُ) بنصب "يسُبّ" على جواب الترجّي، وهو مذهب الكوفيين، ورجحه ابن مالك، حيث قال في "الخلاصة":

وَالْفِعْلُ بَعْدَ الْفَاءِ فِي الرَّجَا نُصِبْ … كَنَصْبِ مَا إِلَى التَّمَنِّي يَنْتَسِبْ

وعليه قوله تعالى: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ} الآية [غافر: ٣٦، ٣٧] في قراءة من نصب {أَطَّلِعَ}، وهو حفص، عن عاصم (٢).

ويجوز رفعه؛ أي: فهو يسبُّ نفسه.

وقال القرطبي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: رويناه برفع الباء من "يسُبُّ" ونصبها، فمن رفع فعلى العطف على "يذهبُ"، ومن نصب فعلى جواب "لعل"، وكأنه أشربها معنى التمنّي، كما قرأ حفص: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ} [غافر: ٣٦، ٣٧] بنصب العين. انتهى (٣).

وفي رواية البخاريّ: "فإن أحدكم إذا صلّى، وهو ناعسٌ، لا يدري لعلّه يستغفر، فيسبَّ نفسه".

قال في "الفتح": يَحْتَمِل أن يكون علة النهي خشية أن يوافق ساعة الإجابة، قاله ابن أبي جمرة (٤).

وقال في "العمدة": فإن قلت: كيف يصح ههنا معنى الترجي؟ قلت: الترجي فيه عائد إلى المصلي، لا إلى المتكلم به؛ أي: لا يدري أمستغفر، أم سابّ مترجيًا للاستغفار، فهو بضدّ ذلك، أو استعمل بمعنى التمكن بَيْنَ الاستغفار والسب؛ لأن الترجي بين حصول المرجوّ وعدمه، فمعناه لا يدري:


(١) راجع: "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبّان" ٦/ ٣٢٠ رقم (٢٥٨٥).
(٢) "شرح ابن عقيل على الخلاصة" ٢/ ١٨٢.
(٣) "المفهم" ٢/ ٤١٦.
(٤) "الفتح" ١/ ٣٧٦.