للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: أرجح الأوجه عندي هو الثاني كما رجحه الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فيكون سبب الذم هو عدم الاعتناء باستذكار القرآن، وتعاهده، فإذا قال: نسيت آية كيت وكيت فكأنه شهد على نفسه بالتفريط، فيكون مشابهًا للذين ذمهم اللَّه تعالى بسبب إعراضهم عن آياته، بقوله: {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه: ١٢٦]. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): ليس في حديث ابن مسعود هذا، ولا في حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- المتقدّم تقدير مدة مخصوصة للزمن الذي يُختَم فيه القرآن، لكن مقتضاهما أنه يتلوه على وجه لو نقص عنه لأدى إلى نسيانه، أو نسيان شيء منه، وذلك يختلف باختلاف أحوال الناس في تمكنهم من الحفظ، وفي سرعة النسيان وبطئه.

وقد كان الصحابة -رضي اللَّه عنهم- يختمونه في كل سَبْعٍ.

وفي "سنن أبي داود" وغيره عن أوس بن حذيفة، قال: قلنا لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لقد أبطأت عنا الليلة، قال: "إنه طرأ عليّ حزبي من القرآن فكرهت أن أجيء حتى أختمه" (١)، قال أوس: سألت أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كيف يُحَزّبون القرآن؟ قالوا: ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل وحده (٢).

وفي "صحيح البخاري": أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لعبد اللَّه بن عمرو: "واقرأ القرآن في شهر" قلت: إني أجد قوة، حتى قال: "فاقرأه في سبع، ولا تزد على ذلك".


(١) في إسناده عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن يعلى مختلف فيه، وعثمان بن عبد اللَّه بن أوس ليس له إلا هذا الحديث، ولم يوثّقه إلا ابن حبّان.
(٢) رمز بعضهم لهذا التحزيب بقوله: "فمي بشوق"، فالفاء رمز الفاتحة، والميم للمائدة، والياء ليونس، والباء لبني إسرائيل، والشين للشعراء، والواو لـ "والصافات"، والقاف لـ "ق".