للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "الفتح": [فإن قيل]: لو كان لكثرة التقسيم، كأن يقال: الذي يقرأ، ويعمل، وعكسه، والذي يعمل، ولا يقرأ، وعكسه، والأقاسم الأربعة، ممكنة في غير المنافق، وأما المنافق، فليس له إلا قسمان فقط؛ لأنه لا اعتبار بعمله، إذا كان نفاقه نفاق كفر.

[وكأن الجواب عن ذلك]: أن الذي حُذف من التمثيل قسمان: الذي يقرأ ولا يعمل، والذي لا يعمل ولا يقرأ، وهما شبيهان بحال المنافق، فيمكن تشبيه الأول بالريحانة، والثاني بالحنظلة، فاكتفى بذكر المنافق، والقسمان الآخران قد ذُكِرا (١).

(وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ) أي: ويعمل به، كما في الرواية الأخرى (مَثَلُ التَّمْرَةِ) بالتاء المثنّاة، وسكون الميم (لَا رِيحَ لَهَا) وفي رواية للبخاريّ: "لا ريح فيها" (وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ) -بفتح الراء- هي: كلّ نبت طَيِّبِ الريح من أنوع المشموم (رِيحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ) وفي همّام، عن قتادة: "ومثل الفاجر" بدل المنافق، كما سيشير إليه المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- (الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ) هي: كلّ نبات يمتدّ على الأرض كالبطيخ، وثمره يُشبه ثمر البطيخ، لكنه أصغر منه جدًّا، ويُضرب المئل بمرارته (٢). (لَيْسَ لَهَا رِيحٌ، وَطَعْمُهَا مُرٌّ") وفي رواية للبخاريّ، من طريق شعبة، عن قتادة: "وريحها مر".

[واستُشْكِلت]: هذه الرواية من جهة أن المرارة، من أوصاف الطعوم، فكيف يوصف بها الريح؟.

[وأجيب]: بأن ريحها لما كان كريهًا، استُعير له وصف المرارة.

وأطلق الزركشيّ هنا أن هذه الرواية وَهَمٌ، وأن الصواب ما في رواية هذا الباب: "ولا ريح لها"، ثم قال في "كتاب الأطعمة" لَمّا جاء فيه: "ولا ريح لها هذا أصوب من رواية الترمذي: "طعمها مر، وريحها مر"، ثم ذكر توجيهها، وكأنه ما استحضر أنها في هذا الكتاب، وتكلّم عليها، فلذلك نسبها


(١) "الفتح" ٨/ ٦٨٤ "كتاب فضائل القرآن" رقم (٥٠٢٠).
(٢) "المرعاة" ٧/ ١٧٨.