للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يمنًا؛ ليمنه، والشام شأمًا؛ لشؤمه، وقال الهمدانيّ في "الأنساب": لَمّا ظَعَنت العرب العاربة، أقبل بنو قطن بن عامر، فتيامنوا، فقالت العرب: تيامنت بنو قطن، فسمّوا اليمن، وتشاءم الآخرون، فسُمّوا شامًا، وقيل: إن الناس لَمّا تفرّقت ألسنتهم حين تبلبلت ببابل أخذ بعضهم عن يمين الكعبة، فسُمّوا يمنًا، وأخذ بعضهم عن شمالها، فسُمّوا شأمًا، وقيل: إنما سُمّيت اليمن بيمن بن قحطان، وسُمّيت الشام بسام بن نوح، وأصله شام بالمعجمة، ثم عُرّب بالمهملة. انتهى (١).

(فَقَالَ: "أَلَا إِنَّ الْإِيمَانَ هَهُنَا) قال القرطبيّ: قيل: هذه الإشارة صدرت منه - صلى الله عليه وسلم -، وهو بتبوك، وبينه وبين اليمن مكة والمدينة، ويؤيّد هذا قوله في حديث جابر - رضي الله عنه -: "الإيمان في أهل الحجاز"، أخرجه مسلم، فعلى هذا يكون المراد بأهل اليمن أهل المدينة ومن يليهم إلى أوائل اليمن، وقيل: كان بالمدينة، ويؤيّده أنه كونه بالمدينة كان غالب أحواله، وعلى هذا فتكون الإشارة إلى سُبّاق اليمن، أو إلى القبائل اليمنيّة الذين وفدوا على أبي بكر لفتح الشام، وأوائل العراق، وإليهم الإشارة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأجد نَفَسَ الرحمن من قبل اليمن" (٢)، أي نصره في حياته وتنفيسه عنه فيها وبعد مماته. انتهى (٣).


(١) راجع: "الفتح" ٦/ ٦٥١ "كتاب المناقب" رقم (٣٤٨٩ - ٣٤٩٩).
(٢) قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى في "المسند" (١٠٥٥٥):
حدثنا عصام بن خالد، حدثنا حَرِيز، عن شَبيب، أبي رَوْح، أن أعرابيًّا أتى أبا هريرة، فقال: يا أبا هريرة، حدثنا عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - … ، فذكر الحديث، فقال: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "ألا إن الإيمان يمان، والحكمة يمانية، وأجد نفس ربكم من قبل اليمن"، وقال أبو المغيرة: "من قبل المغرب، ألا إن الكفر والفسوق، وقسوة القلب في الفدادين، أصحاب الشعر والوبر، الذين يغتال الشياطين على أعجاز الإبل".
وهذا حديث رجال إسناده ثقات، فشبيب روى عنه جماعة، وهو من شيوخ حريز بن عثمان، وقد قال أبو داود: شيوخ حريز ثقات، ووثقه ابن حبّان، وعصام من شيوخ البخاريّ في "صحيحه"، وقال عنه النسائي: ليس به بأس.
(٣) "المفهم" ١/ ٢٣٦ - ٢٣٧.