للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: القول الثاني هو الصواب، كما سيأتي تحقيقه في المسألة الرابعة - إن شاء الله تعالى. وأما حديث: "إني لأجد نفس الرحمن إلخ" فقد أخرجه أحمد في "مسنده"، بسند رجاله ثقات، كما قال الحافظ العراقيّ (١)، بلفظ: "وأجد نَفَسَ ربكم من قِبَلِ اليمن".

(وَإِنَّ الْقَسْوَةَ وَغِلَظَ الْقُلُوبِ) قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: القسوة، وغِلَظ القلوب اسمان لمسمّى واحد، وهو نحو قوله تعالى: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: ٨٦]، والْبَثُّ هو الْحُزن.

ويحتمل أن يقال: إن القسوة يُراد بها أن تلك القلوب لا تلين لموعظة، ولا تخشع لتذكار، وغِلَظها أن لا تفهم، ولا تعقل، وهذا أولى من الأول. انتهى (٢).

(فِي الْفَدَّادِينَ) زعم أبو عمرو الشيبانيّ أنه بتخفيف الدال، وهو جمع فَدّان، بتشديد الدال، وهو عبارة عن البقر التي يُحْرَث عليها، حكاه عنه أبو عبيد، وأنكره عليه، وعلى هذا فالمراد بذلك أصحابها، فحُذف المضاف، والصواب: "الْفَدّادون" بتشديد الدال، جمع فَدّادٍ بدالين، أولاهما مشدّدة، وهذا قول أهل الحديث، وجمهور أهل اللغة الأصمعيّ وغيره، وهو من الْفَدِيد، وهو الصوت الشديد، فهم الذين تعلو أصواتهم في إبلهم وخيلهم وحروثهم، ونحو ذلك.

وقال أبو عبيدة، معمر بن المثنى: هم المكثرون من الإبل الذين يملك أحدهم المائتين منها، إلى الألف، قاله ابن الصلاح رحمه الله تعالى (٣).

وقال القرطبيّ رحمه الله تعالى: "الفدّادون" مشدّد الدال: جمع فَدّاد، قال أبو عبيدة: هم المكثرون من الإبل، وهم جُفَاةُ أهل الخيلاء، واحدهم فدّاد، وهو الذي يملك من المائتين إلى الألف، وقال أبو العبّاس: هم الْجَمَّالُون، والبقّارون، والحمّارُون، والرّعيان، وقال الأصمعيّ: هم الذين تعلو أصواتهم في حروثهم، وأموالهم، ومواشيهم، قال: والفَدِيدُ الصوت، وقد فَدَّ الرجلُ يَفِدُّ فَدِيدًا، وأنشد [من الطويل]:


(١) "تخريج أحاديث الإحياء" ١/ ٢٥٣.
(٢) "المفهم" ١/ ٢٣٧.
(٣) "الصيانة" ص ٢١٧.