للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَعَاذِلَ مَا يُدْرِيكِ أَنْ رُبَّ هَجْمَةٍ … لِأَخْفَافِهَا فَوْقَ الْمِتَانِ (١) فَدِيدُ

ورجلٌ فَدّادٌ: شديد الصوت، وأما الْفَدَادينُ بتخفيف الدال: فهي البقر التي تَحْرُثُ، واحدها فَدَّان بالتشديد، عن أبي عمرو الشيبانيّ.

قال القرطبيّ: وأما الحديث فليس فيه إلا رواية التشديد، وهو الصحيح، على ما قاله الأصمعيّ وغيره. انتهى (٢).

(عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الْإِبِلِ) "عند" متعلّق بـ "الفدّادين"، يعني الذين لهم جَلَبَةٌ، وصِيَاحٌ عند أذناب إبلهم في حال سوقهم لها، قاله ابن الصلاح (٣).

وقال القرطبيّ: المراد به - والله أعلم - الملازمون للإبل السائقون لها، ويظهر لي أن الفدّاد هو العامل في غير مكانه المصوّت عند أذناب الإبل سوقًا لها، وحدوًا بها. انتهى (٤).

(حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ) "حيثُ" ظرف متعلّق بـ "الفدّادين" أيضًا، و"يطلُع" بضم اللام، يقال: طلعت الشمس طُلُوعًا، من باب قَعَدَ، ومَطْلِعًا بفتح اللام، وكسرها، وكلُّ ما بدا لك من عُلْوٍ، فقد طَلَعَ عليك، قاله الفيّومي (٥).

وقوله: "قرنا الشيطان" تثنية قَرْن، ومعناه: جانبا رأسه، وقيل: هما جَمْعَاه اللذان يُغْرِيهما بإضلال الناس، وقيل: شيعتاه من الكفار.

والمراد بذلك اختصاص المشرق بمزيد من تسلط الشيطان، ومن الكفر، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر: "رأسُ الكفر نحو المشرق"، وكان ذلك في عهده - صلى الله عليه وسلم - حين قال ذلك، ويكون حين يَخرُج الدجال من المشرق، وهو فيما بين ذلك منشأ الفتن العظيمة، ومثار الْكَفَرَة الترك الغاشمة العاتية الشديدة البأس، قاله ابن الصلاح (٦).

وقال القرطبيّ: هذا تعيين لمواضعهم، كما قال في الرواية الأخرى: "رأس الكفر قبل المشرق".

واختُلف في قرني الشيطان، فقيل: هما ناحيتا رأسه العليا، وهذا أصل


(١) "الْمِتَانُ": الفلاة.
(٢) "المفهم" ١/ ٢٣٧ - ٢٣٨.
(٣) "الصيانة" ص ٢١٨.
(٤) "المفهم" ١/ ٢٣٨.
(٥) "المصباح المنير" ٢/ ٣٧٥.
(٦) "الصيانة" ص ٢١٨.