ويجوز الرفع (حَسْرَةٌ) أي تلَهُّفٌ وتأسّفٌ على ما فات من الثواب، وقيل: ندامة يوم القيامة (وَلَا تَسْتَطِيعُهَا) أي لا يقدر على تحصيلها (الْبَطَلَةُ") -بفتح الباء الموحّدة، والطاء المهملة- أي أصحاب البطالة والكسالة؛ لطولها، ولتعوّدهم الكسل (قَالَ مُعَاوِيَةُ) بن سلّام الراوي عن زيد بن سلّام، موضّحًا معنى "الْبَطَلَة" (بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ) بفتحات: جمع ساحر، ككافر وكفَرَة، كما قال في "الخلاصة":
وَشَاعَ نَحْوُ كَامِلٍ وَكَمَلَهْ
قال في "الكاشف": "الْبَطَلَةُ": السّحرة، عبّر عن السَّحَرَة بالبَطَلَة؛ لأن ما يأتون به باطلٌ، فسمّوا باسم فعلهم الباطل، وإنما لم يقدروا على حفظها، ولم يستطيعوا قراءتها، لزيغهم عن الحقّ، واتّباعهم للوساوس، وانهماكهم في الباطل.
قال الطيبيّ: ويَحْتَمِل أن يراد بـ "البطَلَةِ" المؤاخذون من سَحَرَة البيان، حيث تحدّى فيها بقوله:{فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} الآية [البقرة: ٢٣] فأُفحموا، وعَجَزوا، وهو من قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن من البيان لسحرًا"، رواه البخاريّ.
وقيل: أراد بـ "البَطَلَة" أصحاب البطالة، أي لا يستطيع قراءة ألفاظها، وتدبّر معانيها، والعمل بأوامرها ونواهيها أصحاب البطالة والكسالة. انتهى (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي أُمامة الباهليّ -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٤٣/ ١٨٧٤ و ١٨٧٥](٨٠٤)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه" (٥٩٩١)، و (أحمد) في "مسنده" (٥/ ٢٤٩ و ٢٥٤ و ٢٥٧)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٣٩٣٣)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (١٨٢٥)، و (الطبرانيّ) في "الكبير" (٧٥٤٤)، و (الحاكم) في "المستدرك" (١/ ٥٦٤)،