روايات مسلم لهذا الحديث أن أبا سعيد الخدريّ هو الذي رقى ذلك السَّلِيم، يعني اللَّدِيغ، يسمونه بذلك تفاؤلًا.
(ومنها): ما أخرجه أحمد في "مسنده" عن عبد اللَّه بن محمد بن عَقِيل، عن ابن جابر، قال: انتهيت إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد أهراق الماء، فقلت: السلام عليك يا رسول اللَّه، فلم يَرُدّ عليّ، قال: فقلت: السلام عليك يا رسول اللَّه، فلم يردّ عليّ، قال: فقلت: السلام عليك يا رسول اللَّه، فلم يردّ عليّ، قال: فانطلق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يمشي، وأنا خلفه، حتى دخل على رحله، ودخلت أنا المسجد، فجلست كئيبًا حزينًا، فخرج عليّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد تطهّر، فقال:"عليك السلام ورحمة اللَّه، وعليك السلام ورحمة اللَّه، وعليك السلام ورحمة اللَّه"، ثم قال:"أَلَا أخبرك يا عبد اللَّه بن جابر بخير سورة في القرآن؟ " قلت: بلى يا رسول اللَّه، قال:"اقرأ الحمد للَّه رب العالمين حتى تختمها".
قال الحافظ ابن كثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا إسناد جيّد، وابن عَقِيل هذا احتج به الأئمة الكبار، وعبد اللَّه بن جابر هذا الصحابيّ ذكر ابن الجوزي أنه هو العبدي، واللَّه أعلم، ويقال: إنه عبد اللَّه بن جابر الأنصاريّ البياضيّ، فيما ذكره الحافظ ابن عساكر. انتهى (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): قال العلامة القرطبيُّ: اختَلَفَ العلماء في تفضيل بعض السور والآي على بعض، وتفضيل بعض أسماء اللَّه تعالى الحسنى على بعض:
فقال قوم: لا فضل لبعض على بعض؛ لأن الكل كلام اللَّه، وكذلك أسماؤه لا مفاضلة بينها، وذهب إلى هذا الشيخ أبو الحسن الأشعريّ، والقاضي أبو بكر بن الطيب، وأبو حاتم محمد بن حبان البُسْتيّ، وجماعة من الفقهاء، ورُوِي معناه عن مالك، قال يحيى بن يحيى: تفضيل بعض على بعض خطأ؛ وكذلك كَرِهَ مالك أن تعاد سورة، أو تردد دون غيرها، وقال عن مالك