للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بتخصيص البأس بالشدّة واللدنية، وهو مناسب لما يكون من الدجّال من دعوى الإلهيّة، واستيلائه، وعِظَم فتنبّه، ولذلك عظّم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمره، وحذّر منه، وتعوّذ من فتنبّه، فيكون معنى الحديث أن من قرأ هذه الآيات وتدبّرها، ووقف على معناها حَذِرَهُ، فأَمِنَ منه.

وقيل: إن ذلك من خصائص هذه السورة كلّها، فقد روي: "من حفظ سورة الكهف، ثم أدركه الدجّال لم يُسلّط عليه"، وعلى هذا يجتمع رواية من روى من أول سورة الكهف مع رواية من روى من آخرها، ويكون ذكر العشر على جهة الاستدراج في حفظها كلّها. انتهى كلام السيوطيُّ (١).

[تنبيه]: (اعلم): أنه وقع في رواية مسلم هنا، وأبي داود بلفظ: "من حَفِظَ عشر آيات"، ووقع في رواية الترمذيّ: "من قرأ ثلاث آيات"، فقيل: وجه الجمع بين العشر وبين الثلاث أن حديث العشر متأخّر، ومن عَمِل بالعشر، فقد عَمِلَ بالثلاث.

وقيل: حديث الثلاث متأخّر، ومن عُصِم بالثلاث فلا حاجة إلى العشر، قال في "المرعاة": وهذا أقرب إلى أحكام النسخ، قال ميرك: بمجرّد الاحتمال لا يُحكم بالنسخ، وقال القاري: النسخ لا يدخل في الأخبار.

وقيل: حديث العشر في الحفظ، وحديث الثلاث في القراءة، فمن حَفِظَ العشر، وقرأ الثلاث كُفي، وعُصِمَ من فتنة الدجّال.

وفيه أنه وقع في رواية النسائيّ: "من قرأ العشر"، وهي تنافي هذا الجمع.

وقال الشوكانيُّ: لا منافاة بين رواية الثلاث الآيات والعشر الآيات؛ لأن الواجب العمل بالزيادة، فيقرأ عشر آيات من أولها. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: رواية "ثلاث آيات" شاذّة (٢)، فلا داعي إلى التكلّف للجمع بما ذُكر، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه آخر]: اختَلف الرواة أيضًا في أن العشر من أولها، أو من آخرها،


(١) راجع: "المرعاة" ٧/ ١٩٨ - ١٩٩.
(٢) راجع: "السلسلة الضعيفة" للشيخ الألبانيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ٢/ ٥٠٩ - ٥١٠ رقم (١٣٣٦).