للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعد النون، وهي الأصل، ولإنما حذفت تخفيفًا، أي ليكن العلمُ هَنِيئًا لك، وهذا دعاء منه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأُبيّ -رضي اللَّه عنه- بتيسير العلم له، ورسوخه فيه، ويلزمه الإخبار بكونه عالِمًا، وهو المقصود (١).

وقال الطيبيُّ: ظاهره أمر للعلم بأن يكون هنيئًا له، ومعناه الدعاء، وحقيقته إخبار على سبيل الكناية بأنه راسخ في العلم، ومجيد فيه؛ لأنه طبّق المفصل، وأصاب الْمَحَزّ. انتهى (٢).

[تنبيه]: قال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يقال: هَنَأَني الطعامُ يَهْنَؤُني، ويَهْنِئُنِي، ويَهْنَأُني، وهَنَأْتُ الطعامَ: أي تهنأت به، وكلُّ أمر يأتيك من غير تَعَبٍ، فهو هنيءٌ، وكذلك الْمَهْنَأُ، والْمُهَنَّأُ، والجمع الْمَهَانِئُ، هذا هو الأصل بالهمز، وقد يُخَفَّف. انتهى (٣).

وقال الفيّومي: هَنُؤَ الشيءُ بالضمّ مع الهمزة هَنَاءَةً بالفتح والمدّ: تيسّر من غير مشقّة ولا عَنَاءٍ، فهو هَنِئٌ، ويجوز الإبدال، والإدغام، وهَنَأَني الولدُ يَهْنَؤُني مهموزٌ، من بابي نَفَعَ، وضَرَبَ، وتقول العرب في الدعاء: "لِيَهْنِئكَ الولدُ" بهمزة ساكنة، وبإبدالها ياءً، وحذفُهَا عاميّ، ومعناه: سَرَّني، فهو هانئٌ، وهَنَأْتُهُ هَنْئًا باللغتين: أعطيته، أو أطعمته، وهَنَأَني الطعامُ يَهْنَؤُني: سَاغَ، ولَذّ، وأكلته هَنِيئًا مَرِيئًا: أي بلا مشقّة، ويَهْنُؤُ بضمّ المضارع في الكلّ لغةٌ، قال بعضهم: وليس في الكلام يَفْعُلُ بالضمّ، مهموزًا مما ماضيه بالفتح غيرُ هذا الفعل. انتهى (٤).

وقوله: (أَبَا الْمُنْذِرِ") بحذف حرف النداء، كما قال الحريريُّ في "مُلْحته":

وَحَذْفُ "يَا" يَجُوزُ فِي النِّدَاءِ … كَقَوْلِهِمْ "رَبِّ اسْتِجِبْ دُعَائِي"

وفي نسخة: "يا أبا المنذر" بإثباتها، وقد تقدّم أنه كنية أُبيّ -رضي اللَّه عنه-، ويُكنى أيضًا أبا الطُّفَيل، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "المرقاة" ٤/ ٦٢٩.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٦٤٤.
(٣) "النهاية" ٥/ ٢٧٧.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٦٤٢.