للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولا ندري لِمَ تعدل ثلث القرآن، واللَّه يتفضل بما يشاء على عباده، وقد قيل: إن ذلك الرجل مخصوص وحده بأنها تعدل ذلك له، وهذه دعوى لا برهان عليها، وقيل: إنها لما تضمنت التوحيد والإخلاص، كانت كذلك، فلو كان هذا الاعتلال، وهذا المعنى صحيحًا لكانت كل آية تضمنت هذا المعنى يحكم لها بحكمها، وهذا ما لا يُقْدِم العلماءُ عليه من القياس، وكلهم يأباه، ويقف عند ما رواه.

وأخرج بسنده عن إسحاق بن منصور، قال: قلت لأحمد بن حنبل: حديث النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)}، فكأنما قرأ ثلث القرآن"، فلم يَقُم لي على أمر بَيِّنٍ، قال: وقال لي إسحاق ابن راهويه: إنما معنى ذلك أن اللَّه جحل لكلامه فضلًا على سائر الكلام، ثم فَضّل بعض كلامه على بعض، فجعل لبعضه ثوابًا أضعاف ما جعل لغيره من كلامه؛ تحريضًا من النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمته على تعليمه، وكثرة قراءته، وليس معناه أن لو قرأ القرآن كله كانت قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} تعدل ذلك إذا قرأها ثلاث مرات، لا ولو قرأها أكثر من مائتي مرة.

قال أبو عمر: من لم يُجِب في هذا أخلص ممن أجاب فيه، واللَّه أعلم. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الذي يظهر لي، ويميل إليه قلبي ترجيح القول بتفويض حقيقة المعنى المراد بثلث القرآن إلى اللَّه تعالى، كما يشير إليه كلام ابن عبد البرّ المذكور آنفًا؛ لأن هذه التوجيهات التي ذكروها، والتأويلات التي أوردها لا تطمئنّ إليها النفس، ولا ينشرح لها الصدر، فتأملها بالإنصاف، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[تنبيه]: أخرج الترمذيّ، والحاكم، وأبو الشيخ من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنه- رفعه: " {إِذَا زُلْزِلَتِ} تعدل نصف القرآن، و {الْكَافِرُونَ} تعدل ربع القرآن"، وأخرج الترمذيّ أيضًا، وابن أبي شيبة، وأبو الشيخ من طريق سلمة بن وَرْدان، عن أنس -رضي اللَّه عنه- أن " {الْكَافِرُونَ} والنصر تعدل كل منهما ربع القرآن، وإذا زلزلت تعدل ربع القرآن"، زاد ابن أبي شيبة، وأبو الشيخ: "وآية الكرسي تعدل ربع القرآن"، وهو حديث ضعيف؛ لضعف سلمة، وإن حسّنه الترمذيّ، فلعله