للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَكَانَ) ذلك الرجل (يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ) أي لأنه كان إمامهم (فِي صَلَاتِهِمْ) أي التي يصليها بهم (فَيَخْتِمُ بِـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)}) أي يختم القراءة في الصلاة بها، يعني أنه يقرأ بعد الفاتحة ما شاء من القرآن، ثم إذا أراد أن يركع قرأ هذه السورة، وختم القراءة بها.

قال ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا يدلّ على أنه كان يقرأ بغيرها، ثم يقرؤها في كل ركعة، وهذا هو الظاهر.

ويحتمل أن يكون المراد أنه يختم بها آخر قراءته، فيختص بالركعة الأخيرة، وعلى الأول فيؤخذ منه جواز الجمع بين سورتين في ركعة. انتهى.

(فَلَمَّا رَجَعُوا) أي من غزوهم ذلك (ذَكَرُوا ذَلِكَ) وفي بعض النسخ: "ذُكر ذلك" بالبناء للمفعول، (لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) يعني أن الصحابة ذكروا له -صلى اللَّه عليه وسلم- ما كان يفعله أميرهم ذلك من ختم قراءته بهذه السورة، وهذا يدلّ على أن صنيعه ذلك لم يكن موافقًا لما أَلِفُوه من النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("سَلُوهُ) فعل أمر من سأل، قال الفيّوميُّ: الأمر من سأل اسأل بهمزة وصل، فإن كان معه واوٌ جاز الهمز؛ لأنه الأصل، وجاز الحذف للتخفيف، نحو اسألوا، وسَلُوا، وفيه لغة: سال يسال، من باب خاف يخاف، والأمر من هذه سَلْ، وفي المثنّى والمجموع: سَلَا، وسَلُوا على غير قياس. انتهى (١).

(لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟ ") أي التزام ختم القراءة بهذه السورة (فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ) الجار والمجرور متعلِّق بمحذوف، دلّ عليه السؤال، أي إنما أفعل ذلك لأنها صفة الرحمن عزَّ وجلَّ.

و"الصِّفَةُ" من الوَصْف، مثل العِدَةِ من الوَعْدِ، والجمع صِفَات، يقال: وَصَفْتُه وَصْفًا، من باب وَعَدَ: نَعَتُّهُ بما فيه، ويقال: هو مأخوذ من قولهم: وَصَفَ الثوبُ الجسمَ: إذا أظهر حالَهُ، وبَيَّنَ هَيْئَته، ويقال: الصفة هي بالحال المنتقلة، والنعت بما كان في خَلْقٍ، أو خُلُق، أفاده الفيوميّ (٢).

وقال في "الفتح": قال ابن التين: إنما قال: إنها صفة الرحمن؛ لأن فيها أسماءه وصفاته، وأسماؤه مشتقة من صفاته، وقال غيره: يَحْتَمِل أن يكون


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٩٧.
(٢) "المصباح" ١/ ٦٦١.