للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصحابي المذكور، قال ذلك مستندًا لشيء سمعه من النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، إما بطريق النصوصية، وإما بطريق الاستنباط.

وقد أخرج البيهقيُّ في "كتاب الأسماء والصفات" بسند حسن عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: أن اليهود أتوا النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالوا: صف لنا ربك الذي تعبده، فأنزل اللَّه عزَّ وجلَّ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} [الإخلاص: ١] إلى آخرها، فقال: "هذه صفة ربي عزَّ وجلَّ". وعن أبي بن كعب -رضي اللَّه عنه-، قال: قال المشركون للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: انسُبْ لنا ربك، فنزلت "سورة الإخلاص". . . الحديث.

وهو عند ابن خزيمة في "كتاب التوحيد"، وصححه الحاكم، وفيه: أنه ليس شيء يولد إلا يموت، وليس شيء يموت إلا يورث، واللَّه لا يموت، ولا يورث، ولم يكن له شِبْهٌ ولا عَدْلٌ، وليس كمثله شيء.

قال البيهقيّ: معنى قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] ليس كهو شيء، قاله أهل اللغة، قال: ونظيره قوله تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ} [البقرة: ١٣٧] يريد بالذي آمنتم به، وهي قراءة ابن عباس، قال: والكاف في قوله: "كمثله" للتأكيد، فنفى اللَّه عنه المثلية بآكد ما يكون من النفي، وأنشد لورقة بن نوفل في زيد بن عمرو بن نفيل من أبيات:

وَدِينُكَ دِينٌ لَيْسَ دِينٌ كَمِثْلِهِ

ثم أسند عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} [الروم: ٢٧] يقول: ليس كمثله شيء، وفي قوله تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: ٦٥] هل تعلم له شبهًا أو مثلًا؟.

وقال ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "لأنها صفة الرحمن": يَحْتَمِل أن يكون مراده أن فيها ذكر صفة الرحمن، كما لو ذكر وصف، فعبر عن الذكر بأنه الوصف، وإن لم يكن نفس الوصف.

ويَحْتَمِل غير ذلك، إلا أنه لا يختص ذلك بهذه السورة، لكن لعل تخصيصها بذلك؛ لأنه ليس فيها إلا صفات اللَّه عزَّ وجلَّ، فاختصت بذلك دون غيرها. انتهى.

(فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا) أي أقرأ هذه السورة التي هي صفة الرحمن عزَّ وجلَّ، يعني أنه لذلك يُحبّ أن يقرأ بها دائمًا؛ لأن من أحبّ شيئًا أكثر من ذكره (فَـ)