يقول: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١)} كما قال اللَّه، وهذا هو المعنى الذي أشار النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إليه بقوله:"قيل لي، فقلت"، أي إني لست مبتدئًا، بل أنا مُبَلِّغٌ، أقول كما يقال لي، وأُبَلِّغ كلام ربي كما أنزله إليّ -فصلوات اللَّه وسلامه عليه- لقد بلغ الرسالة، وأَدَّى الأمانة، وقال كما قيل له، فكفانا وشفانا من المعتزلة والجهمية وإخوانهم ممن يقول هذا القرآن العربيّ، وهذا النظم كلامه ابتدأ هو به، ففي هذا الحديث أبين الردّ لهذا القول، وأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- بَلَّغَ القول الذي أُمر بتبليغه على وجهه ولفظه، حتى لِمَا قيل له: قل؛ لأنه مبلغ مَحْضٌ، وما على الرسول إلا البلاغ. انتهى كلام ابن القيّم -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في أقوال أهل العلم في كون هاتين السورتين من القرآن الكريم:
أخرج النسائيُّ في "سننه"، وصححه ابن خزيمة عن عقبة بن عامر -رضي اللَّه عنه- أنه سأل النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المعوِّذتين، قال عقبة: فأمّنا بهما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في صلاة الفجر.
وفي رواية ابن خزيمة:"سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المعوّذتين، أمن القرآن هما؟ " الحديث.
هذا الحديث يدلّ على أن هاتين السورتين من القرآن العظيم، وهو الذي استقر عليه الإجماع أخيرًا، وكان عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- يخالف في ذلك.
فقد أخرج الإمام أحمد في "مسنده" بسنده عن زرّ بن حُبَيش، قال: قلت لأبَيّ بن كعب: إن ابن مسعود لا يكتب المعوذتين في مصحفه، فقال: أشهد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبرني أن جبريل عليه السلام قال له: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١)} [الفلق: ١] فقلتها، قال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١)} [الناس: ١] فقلتها، فنحن نقول ما قال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
ورواه أبو بكر الحميدي في "مسنده"، عن سفيان بن عيينة، حدثنا عبدة بن أبي لبابة، وعاصم بن بهدلة، أنهما سمعا زِرّ بن حبيش، قال: سألت أبي بن