للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حبان من وجه آخر عن عقبة بن عامر: "فإن استطعت أن لا تفوتك قراءتهما في صلاة فافعل".

وأخرج أحمد من طريق أبي العلاء بن الشِّخِّير، عن رجل من الصحابة: أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أقرأه المعوذتين، وقال له: "إذا أنت صليت، فاقرأ بهما". وإسناده صحيح.

ولسعيد بن منصور من حديث معاذ بن جبل: "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى الصبح، فقرأ بالمعوذتين".

وقد تأول القاضي أبو بكر الباقلانيّ في كتاب "الانتصار" -وتبعه عياض وغيره- ما حُكِي عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-، فقال: لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن، وإنما أنكر إثباتهما في المصحف، فإنه كان يرى أن لا يكتب في المصحف شيئًا، إلا إذا كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أذن في كتابته فيه، وكأنه لم يبلغه الإذن في ذلك، قال: فهذا تأويل منه، وليس جحدًا لكونهما قرآنًا.

قال الحافظ: وهو تأويل حسن، إلا أن الرواية الصحيحة الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك، حيث جاء فيها: "ويقول: إنهما ليستا من كتاب اللَّه".

نعم يمكن حمل لفظ كتاب اللَّه على المصحف، فيتمشى التأويل المذكور.

وقال غير القاضي: لم يكن اختلاف ابن مسعود مع غيره في قرآنيتهما، وإنما كان في صفة من صفاتهما. انتهى.

وغاية ما في هذا أنه أبهم ما بيّنه القاضي، ومن تأمل سياق الطرق التي أوردتها للحديث استبعد هذا الجمع.

وأما قول النووي في "شرح المهذب": أجمع المسلمون على أن المعوذتين، والفاتحة من القرآن، وأن من جحد منهما شيئًا كَفَرَ، وما نُقِل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح، ففيه نظر.

وقد سبقه لنحو ذلك أبو محمد بن حزم، فقال في أوائل "المحلَّى": ما نُقِل عن ابن مسعود من إنكار قرآنية المعوذتين، فهو كذب باطل.

وكذا قال الفخر الرازي في أوائل تفسيره: الأغلب على الظن أن هذا النقل عن ابن مسعود كذب باطل.