للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأسند ثابت بن قاسم نحو هذا الحديث عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذكر من كلام ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- نحوه.

قال القاضي ابن الطيب (١) -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وإذا ثبتت هذه الرواية -يريد حديث أبَيّ- حُمِلَ على أن هذا كان مطلقًا، ثم نُسِخَ، فلا يجوز للناس أن يبدلوا اسمًا للَّه تعالى في موضع بغيره مما يوافق معناه أو يخالف.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: دعواه النسخ غير صحيح، بل الذي دلّ عليه هذا الحديث أن اللَّه عزَّ وجلَّ أمر نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يُقْرِئ أمته على سبعة أحرف، ووَسَّع عليه أن يبدل اسمًا باسم آخر، وأما غيره فلا يجوز له أن يبدل اسمًا باسم آخر، كان كان بمعناه، إلا إذا كان ذلك التبديل منقولًا عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإذا أقرأ صحابيًا "سميعًا عليمًا"، وأقرأ آخر "عزيزًا حكيمًا"، جازت القراءة بهذا وبهذا، واللَّه تعالى أعلم.

[القول الثاني]: قال قوم: هي سبع لغات في القرآن على لغات العرب كلها، يَمَنِها، ونِزَارِها؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يجهل شيئًا منها، وكان قد أوتي جوامع الكلم، وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه، ولكن هذه اللغات السبع متفرقة في القرآن، فبعضه بلغة قريش، وبعضه بلغة هُذيل، وبعضه بلغة هوازن، وبعضه بلغة اليمن.

قال الخطابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: على أن في القرآن ما قد قُرئ بسبعة أوجه، وهو قوله: {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} [المائدة: ٦٠]، وقوله: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} [يوسف: ١٢] وذكر وجوهًا، كأنه يذهب إلى أن بعضه أنزل على سبعة أحرف، لا كله.

وإلى هذا القول -أي إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، على سبع لغات- ذهب أبو عبيد، القاسم بن سلام، واختاره ابن عطية، قال أبو عبيد: وبعض الأحياء أسعد بها، وأكثر حظًا فيها من بعض.

وذكر حديث ابن شهاب، عن أنس أن عثمان -رضي اللَّه عنهما-، قال لهم حين أمرهم


(١) هو محمد بن الطيّب بن محمد بن جعفر القاضي أبو بكر الباقلانيّ المتوفّى سنة (٤٠٣ هـ).