للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكذلك قال عليه السلام بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-، وكان لا يفهم معنى قوله تعالى: {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ} [النحل: ٤٧] أي على تنقص لهم.

وكذلك اتفق لقطبة بن مالك -رضي اللَّه عنه-، إذ سمع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرأ في الصلاة: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ} [ق: ١٠]. ذكره مسلم في "باب القراءة في صلاة الفجر" إلى غير ذلك من الأمثلة.

[القول الثالث]: أن هذه اللغات السبع إنما تكون في مُضَر، قاله قوم، واحتجوا بقول عثمان -رضي اللَّه عنه-: نزل القرآن بلغة مضر، وقالوا: جائز أن يكون منها لقريش، ومنها لكنانة، ومنها لأسد، ومنها لهذيل، ومنها لتيم، ومنها لضَبَّة، ومنها لقيس. قالوا: هذه قبائل مضر، تستوعب سبع لغات على هذه المراتب، وقد كان ابن مسعود يحبّ أن يكون الذين يكتبون المصاحف من مضر.

وأنكر آخرون أن تكون كلها من مضر، وقالوا: في مضر شواذّ لا يجوز أن يقرأ القرآن بها، مثل كَشْكَشَة قيس، وتَمْتَمَة تميم، فأما كشكشة قيس، فإنهم يجعلون كاف المؤنث شينًا، فيقولون في {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} [مريم: ٢٤] جعل ربش تحتش سريًا، وأما تمتمة تميم، فيقولون في الناس: النات، وفي أكياس: أكيات، قالوا: وهذه لغات يُرْغَب عن القرآن بها، ولا يحفظ عن السلف فيها شيء.

وقال آخرون: أما إبدال الهمزة عينًا، وإبدال حروف الحلق بعضها من بعض، فمشهور عن الفصحاء، وقد قرأ به الجِلَّةُ، واحتجوا بقراءة ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-: "ليسجننه عَتَّى حين"، ذكرها أبو داود، وبقول ذي الرُّمَّة [من الطويل]:

فَعَيْنَاكِ عَيْنَاهَا وَجِيدُكِ جِيدُهَا … وَلَوْنُكِ إلا عَنَّهَا غَيْرُ طَائِلِ

يريد "إلا أنها".

[القول الرابع]: ما حكاه صاحب "الدلائل" عن بعض العلماء، وحَكَى نحوه القاضي ابن الطيب، قال: تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة، فوجدتها سبعًا:

منها: ما تتغير حركته، ولا يزول معناه، ولا صورته، مثل: {هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود: ٧٨] و"أطْهَرَ"، {وَيَضِيقُ صَدْرِي} [الشعراء: ١٣] و"يُضيق".