إنما نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الصلاة أن يتحرى بها طلوع الشمس، أو غروبها.
وقال محمد بن سيرين: تكره الصلاة في ثلاث ساعات: بعد صلاة العصر، وبعد الصبح، ونصف النهار في شدة الحرّ، وتحرم في ساعتين حين يطلع قرن الشمس حتى يستوي طلوعها، وحين تصفر حتى يستوي غروبها. انتهى.
وهو مذهب رابع؛ لأن المذكورين قبله لَمْ يكرهوا الصلاة بعد الصبح، والعصر، وهذا كرهها.
قال في "الطرح": فإن قلت: هذا مذهب الحنفية؛ لأنهم اقتصروا في كتبهم على الكراهة في هاتين الصورتين، وعَبَّرُوا في الصور الأخرى بعدم الجواز.
قلت: هو كذلك، ومع ذلك، فيخالفهم؛ لأنه ضم حالة الاستواء إلى هاتين الصورتين في الكراهة، وهم ضمّوها إلى طلوع الشمس وغروبها في عدم الجواز.
وذهب محمد بن جرير الطبريّ إلى التحريم في حالتي الطلوع، والغروب، والكراهة فيما بعد العصر، والصبح.
ثم قال ابن عبد البرّ: وقال آخرون: لا يجوز بعد الصبح؛ أي: ويجوز بعد العصر، وممن ذهب إليه ابن عمر، ثم روى بإسناده عن قدامة بن إبراهيم بن محمد بن حاطب، قال: ماتت عمتي، وقد أوصت أن يصلي عليها عبد اللَّه بن عمر، فجئته حين صلينا الصبح، فأعلمته، فقال: اجلس، فجلست حتى طلعت الشمس، وصَفَت، ثم قام، فصلى عليها، قالوا: فهذا ابن عمر، وهو يبيح الصلاة بعد العصر، قد كرهها بعد الصبح.
فهذه مذهب خامس في المسألة، وبه قال ابن حزم الظاهري: مَنَعَ الصلاةَ بعد صلاة الصبح، وجوّزها بعد صلاة العصر إلى الاصفرار؛ لحديث الركعتين، ولحديث عليّ -رضي اللَّه عنه-: "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى عن الصلاة بعد العصر، إلَّا والشمس مرتفعةٌ"، وهو في "سنن أبي داود"، وإسناده صحيح، وزاد عليه داود