للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الظاهريّ، فجوّزها إلى غروب الشمس، ورأى النهيَ عن ذلك منسوخًا. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: أرجح الأقوال عندي قول من قال: إن الصلاة في هذه الأوقات ممنوعة، مطلقًا، إلَّا ذوات الأسباب، وهذا مذهب الشافعي، وطائفة من الصحابة، وطائفة من التابعين، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

والمراد بذوات الأسباب: هي التي لها سبب متقدّم عليها، مثل الفائتةِ، فريضةً كانت أو نافلةً، وصلاةِ الجنازة، وسجودِ التلاوة، والشكرِ، وصلاةِ الكسوف، وصلاةِ الاستسقاء، وصلاةِ الطواف، وركعتي الوضوء، وتحية المسجد، ونحوِ ذلك.

وكذا يستثنى من النهي الصلاةُ بعد الحصر، والشمسُ بيضاءُ نَقِيَّةٌ.

أما استثناء ذوات الأسباب؛ فللأدلة الكثيرة:

(منها): حديث أنس -رضي اللَّه عنه- أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من نَسِيَ صلاة، أو نام عنها، فكفارتها أن يُصَلِيها إذا ذكرها"، متفق عليه، واللفظ لمسلم، ففيه دلالةٌ على أن من تذكر، أو استيقظ في هذه الأوقات، فعليه أن يصلي الصلاة.

(ومنها): حديث أم سلمة -رضي اللَّه عنها- أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: صلى ركعتين بعد العصر، فلما انصرف، قال: "يا بنت أبي أمَيَّةَ سألتِ عن الركعتين بعد العصر، إنه أتاني ناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم، فشغلوني عن اللتين بعد الظهر، فهما هاتان الركعتان، بعد العصر"، رواه الشيخان.

(ومنها): أن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: "صلاتان لَمْ يكن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يدعهما سرًا، ولا علانية: ركعتان قبل صلاة الصبح، وركعتان بعد صلاة العصر"، رواه الشيخان.

(ومنها): حديث يزيد بن الأسود -رضي اللَّه عنه- قال: شهدت مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حجته، وصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته، وانحرف، إذا هو برجلين في آخر القوم، لَمْ يصليا معه، قال: "عَلَيَّ بهما"،


(١) "طرح التثريب" ٢/ ١٨٥ - ١٨٧.
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى" ٢٣/ ١٩.