الأسباب تجوز في هذه الأوقات دون ما سواها؛ للأدلة التي ذُكِرَتْ وغيرها، وكذا الصلاةُ بعد العصر، والشمس مرتفعة؛ لما ذُكر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
ثم رأيت شيخ الإسلام ابن تيميّة -رَحِمَهُ اللَّهُ- قد حقّق هذا الموضوع في "الفتاوى الكبرى" أحببت أن أختم البحث به؛ لنفاسته، قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-:
ومن هذا الباب فعل الصلاة التي لها سبب، مثل تحية المسجد بعد الفجر والعصر، فمن العلماء من يستحب ذلك، ومنهم من يكرهه كراهة تحريم، أو تنزيه، والسنة إما أن تستحبه، وإما أن تكرهه، والصحيح قول من استحب ذلك، وهو مذهب الشافعيّ، وأحمد في إحدى الروايتين، اختارها طائفة من أصحابه، فإن أحاديث النهي عن الصلاة في هذه الأوقات، مثل قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس"، عموم خصوص خُصَّ منها صلاة الجنائز باتفاق المسلمين، وخُصّ منها قضاء الفوائت بقوله:"من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس، فقد أدرك الصبح"، وقد ثبت عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قضى ركعتي الظهر بعد العصر، وقال للرجلين اللذين رآهما لم يصليا بعد الفجر في مسجد الخيف:"إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة، فصليا معهم، فإنها لكما نافلة"، وقد قال:"يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت، وصلى فيه أية ساعة شاء، من ليل أو نهار".
فهذه النصوص تُبَيِّن أن ذلك العموم خرجت منه صُوَرٌ، وأما قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين"، فهو أمر عامّ لَمْ يُخَصّ منه سورة، فلا يجوز تخصيصه بعموم مخصوص، بل العموم المحفوظ أولى من العموم المخصوص.
وأيضًا فإن الصلاة والإمام على المنبر أشدّ من الصلاة بعد الفجر والعصر، وقد ثبت عنه في "الصحيح" أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"إذا دخل أحدكم المسجد، والإمام يخطب، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين"، فلما أمر بالركعتين في وقت هذا النهي، فكذلك في وقت ذلك النهي وأولى، ولأن أحاديث النهي في بعضها:"لا تتحرَّوا بصلاتكم"، فنهى عن التحري للصلاة ذلك الوقت، ولأن