للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خبر لمحذوف دلّ عليه السوال؛ أي: معي حرّ، وعبد (قَالَ) عمرو بن عَبَسَة (وَمَعَهُ يَوْمَئِذٍ أَبُو بَكْرٍ) الصدّيق -رضي اللَّه عنه- (وَبِلَالٌ) هو ابن رباح مؤذّن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، مولى أبي بكر الصَدّيق -رضي اللَّه عنهما- (مِمَّنْ آمَنَ بِهِ) أي: ممن صدّق برسالته، واتّبعه على ملّته وفيه منقبة عظيمة لأبي بكر وبلال -رضي اللَّه عنهما-، حيث إنهما من أوائل من أسلم، بل قد احتجّ به من قال: إنهما أول من أسلم، لكن الصحيح في ذلك التفصيل، فأول من أسلم من الرجال البالغين الأحرار أبو بكر -رضي اللَّه عنه-، ومن الأرقّاء بلال -رضي اللَّه عنه-، ومن الموالي زيد بن حارثة -رضي اللَّه عنه-، ومن الصبيان عليّ بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-، ومن النساء خديجة -رضي اللَّه عنها-، وإلى هذا أشار السيوطيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في ألفيّة الحديث حيث قال:

وَاخْتَلَفُوا أَوَّلَهُمْ إِسْلَامَا … وَقَدْ رَأَوْا جَمْعَهُمُ انْتِظَامَا

أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ فِي الرِّجَالِ … صِدِّيقُهُمْ وَزَيْدُ فِي الْمَوَالِي

وَفِي النِّسَا خَدِيجَةٌ وَذِي الصِّغَرْ … عَلِيُّ وَالرِّقِّ بِلَالٌ اشْتَهَرْ

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إنما لم يذكر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- له عليًّا -رضي اللَّه عنه-؛ لصغره، فإنه أسلم وهو ابن سبع سنين، وقيل: ابن عشر، ولم يذكر خديجة -رضي اللَّه عنها- أيضًا؛ لأنه فهم منه أنه إنما سأله عن الرجال، فأجابه حسب ذلك، ويُشكل هذا الحديث بحديث سعد بن أبي وقّاص -رضي اللَّه عنه-، فإنه قال: "ما أسلم أحدٌ إلَّا في اليوم الذي أسلمت فيه، ولقد مكثت سبعة أيام، وإني لثلث الإسلام" (١)، وظاهره أن أبا بكر وبلالًا أسلما في اليوم الذي أسلم فيه سعد، وأنه أقام سبعة أيام لَمْ يُسلم مع الثلاثة أحدٌ، وحينئذ يلزم أن يكون مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم جاء عمرو بن عَبَسَة أبو بكر، وسعد، وبلالٌ، لكن سكت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن سعد إما نسيانًا، وإما لعدم حضوره إذ ذاك بمكة، أو لأمر آخر. انتهى (٢).

قال عمرو: (فَقُلْتُ: إِنِّي مُتَّبِعُكَ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه إني متّبعك على إظهار الإسلام هنا، وإقامتي معك. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "إني متّبعك" معناه: أصحبك، وأكون معك


(١) أخرجه البخاريّ في "صحيحه" برقم (٣٧٢٧) "كتاب المناقب".
(٢) "المفهم" ٢/ ٤٦٠ - ٤٦١.
(٣) "شرح النووي" ٦/ ١١٦.