المعنيين، فـ "محضورة" تفسير لـ "مشهودة"، وتأكيد لها، ويَحْتَمل أن يُجعل "مشهودة" على المعنى الأول، و"محضورة" على الثاني، أو الأولى بمعنى الشهادة، والثانية بمعنى الحضور للتبرّك، والتأسيس أولى من التأكيد. انتهى كلام القاري -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).
(حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ) أي: حتى يرتفع الظلّ مع الرمح، أو في الرمح، ولم يبق على الأرض منه شيءٌ، من الاستقلال بمعنى الارتفاع.
قال ابن الملك: يعني: لَمْ يبق ظل الرمح، وهذا بمكة، والمدينة، وحواليهما في أطول يوم في السنة، فإنه لا يبقى عند الزوال ظلّ على وجه الأرض، بل يرتفع عنها، ثم إذا مالت الشمس من جانب المشرق إلى جانب المغرب، وهو أول وقت الظهر يقع الظل على الأرض.
وقيل: من القِلَّةِ، يقال: استقله: إذا رآه قليلًا؛ أي: حتى يَقِلَّ الظلُّ الكائن بالرمح، أدنى غاية القلة، وهو المسمى بظل الزوال.
وقال القاري -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وروي: "حتى يستقل الرمحُ بالظل"؛ أي: يرفع الرمح ظله، فالباء للتعدية، وعلى الروايتين هو مجاز عن عدم بقاء ظل الرمح على الأرض، وذلك يكون في وقت الاستواء، وتخصيص الرمح بالذكر؛ لأن العرب كانوا إذا أرادوا معرفة الوقت رَكَزُوا رِمَاحهم في الأرض، ثم نظروا إلى ظلها.
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "حتى يستقل الظل بالرمح"؛ أي: يقوم مقابله في جهة الشمال، ليس مائلًا إلى المغرب، ولا إلى المشرق، وهو حالة الاستواء.
وقال التوربشتي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كذا في نسخ "المصابيح"، وفيه تحريف، وصوابه: حتى يَسْتَقِلَّ الرمحُ بالظل، ووافقه صاحب "النهاية" حيث قال: حتى يبلغ ظل الرمح المغروز في الأرض، أدْنَى غايةِ القلَّةِ والنقص، فقوله:"يستقل" من القلة، لا من الإقلال، والاستقلال الذي بمعنى الارتفاع، والاستبداد.
قال الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كيف تُرَدّ نسخ "المصابيح" مع موافقتها بعض نسخ مسلم، وكتاب الحميديّ؟ على أن لها محامل: