للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أحدها: أن معناه أن يرتفع الظل معه، ولا يقع منه شيء على الأرض، من قولهم: استقلَّت السماءُ: ارتفعت.

وثانيها: أن يقدر المضاف؛ أي: يُعْلَم قلة الظل بواسطة ظل الرمح.

وثالثها: أن يكون من باب عَرَضتُ الناقةَ على الحوض، وطَيَّنتُ بالفَدَن السياعا، و"السياع": الطين، و"الفَدَنُ": القَصْرُ.

قال صاحب "المفتاح": ولا يشجع على القلب إلَّا كمال البلاغة مع ما فيه من المبالغة من أن الرمح صار بمنزلة الظل في القلة، والظل بمنزلة الرمح. انتهى (١).

ووقع في رواية لأحمد: "حتى يستقل الرمح بالظل"، وفي أخرى: "حتى يقوم الظل قيام الرمح"، وفي رواية أبي داود: "حتى يعدل الرمح ظله"، وفي رواية لأحمد، وهي عند ابن ماجه أيضًا: "حتى يقوم العمود على ظله".

قال السنديّ: العمود: خشبة يقوم عليها البيت، والمراد حتى يبلغ الظل في القلة بحيث لا يظهر إلَّا تحت العمود، ومحلّ قيامه، فيصير كأن العمود قائم عليه، والمراد وقت الاستواء. انتهى (٢).

(ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ حِينَئِذٍ) أي: حين يستقلّ الظلّ بالرمح.

قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفي اسم "إنّ" وجهان: أحدهما "تُسْجَرُ" على إضمار "أن" المصدريّة، كقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الروم: ٢٤].

والثاني: ضمير الشأن محذوفًا من "إنّ" المكسورة المشدّدة، كقول الشاعر [من الطويل]:

فَلَا تَخْذُلِ الْمَوْلَى وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا … فَإِنَّ بِهِ تَنَالُ الأُمُورَ وَتَرْأَبُ (٣)

فالتقدير فإنه، يقول: لا تخذل مولاك، وإن ظلمك، فربّما تحتاج إليه، وترجع إلى معاونته في بعض الأمور، فيجبر كسرك، قيل: لا حذف؛ لأن المقصود من الكلام المصدّر به التعظيم والفخامة، فلا يلائمه الاختصار.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١١١٩.
(٢) راجع: "شرح السنديّ على النسائيّ" ١/ ٢٨٤، و"المرعاة" ٣/ ٤٥٩.
(٣) الشطر الثاني فيه انكسار، فليُحرّر.