للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأجيب بأن ضمير الشأن إنما ينبئ عن التعظيم لإبهامه، وحذفه أدلّ على الإبهام، ألا ترى إلى قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ} الآية [التوبة: ١١٧]، حَذَف اسم "كاد" وضميرَ الشأن؛ ليزيد التفخيم والتهويل، وله في الأحاديث نظائر، سنذكرها - إن شاء اللَّه تعالى. انتهى كلام الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

(تُسْجَرُ) بالتخفيف والتشديد مبنيًّا للمجهول؛ أي: يوقد عليها إيقادًا بليغًا، من سجر التَّنُّور -بالتخفيف والتشديد-: ملأه وَقُودًا، وأحْمَاهُ، قال الراغب: السَّجْرُ: تهييج النار، يقال: سَجَرْتُ التّنّور، ومنه قوله تعالى: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} [الطور: ٦]. انتهى.

وقال ابن الملك: أي: تُملأ نيران جهنم، وتوقد، ولعل تسجيرها حينئذ لمقارنة الشيطان الشمس، وتهيئة عباد الشمس أن يسجدوا لها.

وقال الخطابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ذكر تسجير جهنم، وكون الشمس بين قرني الشيطان، وما أشبه ذلك من الأشياء التي تُذكر على سبيل التعليل لتحريم شيء، أو لنهي عن شيء أمور لا تدرك معانيها من طريق الْحِسّ والعيان، وإنما يجب علينا الإيمان بها والتصديق للمخبِر بها، والانتهاء إلى أحكامها التي علقت بها. انتهى (٢).

(جَهَنَّمُ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختَلَف أهل العربية، هل جهنم اسم عربي، أم عجمي؟ فقيل: عربي، مشتقّ من الجهومة، وهي كراهة المنظر، وقيل: من قولهم: بئر جهام؛ أي: عميقة، فعلى هذا لَمْ تصرف للعلمية والتأنيث، وقال الأكثرون: هي عجمية مُعَرَّبة، وامتنع صرفها للعلمية والعجمة. انتهى (٣).

(فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ) أي: ظهر إلى جهة المشرق، و"الفيء" مختصّ بما بعد الزوال، وأما "الظلّ" فيقع على ما قبل الزوال وما بعده، قاله النوويّ، وقال القاري: أي: رجع بعد ذهابه من وجه الأرض، فهذا وقت الظهر، و"الفيء": ما نسخ الشمسَ، وذلك بالعشيّ، و"الظلُّ": ما نسخته الشمس، وذلك بالغدوّ. انتهى.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١١٢٠.
(٢) "معالم السنن" ١/ ٢٧٦.
(٣) "شرح مسلم" ٦/ ١١٧.