للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَصَلِّ) أي: أيَّ صلاة تريدها (فَإنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ، حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ) أي: فرضه، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه دليلٌ على أن النهي لا يدخل بدخول وقت العصر، ولا بصلاة غير المصلّي، وإنما يكره لكلّ إنسان بعد صلاته العصر، حتى لو أخّرها عن أول الوقت لَمْ يكره التنفّل قبلها. انتهى.

(ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ) أي: بالكلّيّة (فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ") أي: فلا يجوز مشابهة أهل النار في عبادتهم فضلًا عن غيرها.

(قَالَ) عمرو بن عبسة -رضي اللَّه عنه- (فَقُلْتُ: يَا نَبِي اللَّهِ، فَالْوُضُوءُ) بالرفع، وقيل: بالنصب (حَدِّثْنِي عَنْهُ) أي: أخبرني عن فضله (قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("مَا) نافية (مِنْكُمْ رَجُلٌ يُقَرِّبُ) بضمّ أوله، وفتح ثانيه، وتشديد الراء، من التقريب، مبنيًّا للفاعل، قيل: أو للمفعول (وَضُوءَهُ) بفتح الواو: الماء الذي يتوضّأ به (فَيَتَمَضْمَضُ) وفي نسخة: "فيُمَضْمِضُ"، يقال: مَضْمَضْتُ الماءَ في فمي: إذا حرّكته بالإدارة فيه، وتمضمض بالماء: إذا فعل ذلك، قال الفارابيّ: المضمضمة: صوت الحيّة ونحوها، ويقال: هو تحريكها لسانها، قاله الفيّوميّ (١).

(وَيَسْتَنْشِقُ) أي: يُدخل الماء في الأنف، ويجذبه بالنفس؛ ليُنزل ما في الأنف، قال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أي: يُبلغُ الماءَ خياشيمه، وهو من استنشقتُ الريحَ: إذا شَمَمتها مع قوّة. انتهى (٢).

وقال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: نَشِقْتُ منه رائحةً أَنْشَقُ، من باب تَعِبَ نَشْقًا، مثلُ فلس، واستنشقتُ الريحَ: شَمِمْتُها، واستنشقتُ الماءَ، وهو جعله في الأنف، وجذبه بالنّفَسِ؛ ليُنْزِل ما في الأنف، فكأن الماء مجعول للاشتمام، مجازٌ، والفقهاءُ يقولون: استَنْشَقتُ بالماء بزيادة الباء. انتهى (٣).

(فَيَنْتَثِرُ) وفي نسخة: "فيستنثر"، أي: يُخرج ما في الخيشوم من الأوساخ، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: نَثَرَ المتوضئ، واستَنْثَرَ بمعنى استنشق، ومنهم من يفرّق، فيجعل الاستنشاق إيصال الماء، والاستنثار إخراج ما في الأنف من


(١) راجع: "المصباح" ٢/ ٥٧٥.
(٢) "النهاية" ٥/ ٥٩.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٦٠٦.