للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مخاط وغيره، ويدلّ عليه الحديث: "كان -صلى اللَّه عليه وسلم- يستنشق ثلاثًا في كلّ مرّة يستنثر"، وفي حديث: "إذا استنشقت فانتثر" بهمزة وصل، وتُكسر الثاء وتضمّ، وأنثر المتوضئ إنثارًا لغةٌ، وحَمَل أبو عبيد الحديث على هذه اللغة. انتهى (١).

(إِلَّا خَرَّتْ) استثناء مفرغّ، قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "إلّا خرّت" خبر "ما"، والمستثنى منه مقدّرٌ؛ أي: ما منكم رجلٌ متّصفٌ بهذه الأوصاف، كائنٌ على حال من الأحوال إلَّا على هذه الحالة، وعلى هذا المعنى ينزَّل سائر الاستثناءات، وإن لَمْ يصرّح بالنفي فيها؛ لكونها في سياق النفي بواسطة "ثُمّ" العاطفة؛ أي: سقطت (خَطَايَا وَجْهِهِ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هكذا ضبطناه "خَرّت" بالخاء المعجمة، وكذا نقله القاضي عن جميع الرواة، إلَّا ابن أبي جعفر، فرواه "جَرَت" بالجيم. انتهى. ومعنى "خَرَّت" بالخاء: أي: سقطت، وهو كناية عن مغفرة الذنوب، ومعنى"جَرَت" أي؛ ذهبت ذنوب وجهه مع ماء الوضوء.

والمراد من الخطايا هي الصغائر عند عامّة العلماء.

والمراد بالخطايا الصغائر كما سبق في "كتاب الطهارة" قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما اجتنبت الكبائر".

وقوله: (وَفِيهِ) أي: خطايا فمه من جهة الكلام والطعام (وَخَيَاشِيمِهِ) أي: أنفه، وهو: جمع خيشوم، وهو أقصى الأنف، وقيل: الخياشيم: عِظام رِقَاقٌ في أصل الأنف، بينه وبين الدماغ، وقيل: غير ذلك.

والمراد: ما اكتسبه من الإثم من جهة رائحة طيبة محرّمة على جهة القصد، والظاهر أن عطف "فيه وخياشيمه" على "وجهه" تفسيريّ؛ لقوله: (ثُمَّ إِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ) بأن استوعب بالغسل جميعه (إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ) بكسر اللام: هو الشعر النازل على الذَّقَنِ، والجمع: لِحًى، مثلُ سِدْرة وسِدَر، وتُضمّ اللام أيضًا، مثلُ حِلْية وحُلًى (٢). (مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ) أي: منضمّتين إليهما، أو "إلى" بمعنى "مع"، و"المرفق" بفتح الميم وكسر الفاء، كالمسجِد، وبالعكس لغتان، وهو كما في


(١) "المصباح" ٢/ ٥٩٣.
(٢) "المصباح" ٢/ ٥٥١.