انتهى كلام الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بزيادة (١).
أي فإن قام بعد الفراغ من الوضوء (فَصَلَّى) أي: شرع في الصلاة (فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ) أي: ذكر اللَّه تعالى ذكرًا كثيرًا، وقيل: فائدته الإعلام بأنّ لفظ الحمد غير متعيّن (وَمَجَّدَهُ) أي: عظّمه بالقلب واللسان، فهو تعميم بعد تعميم، فهو تأكيد لما قبله.
(بِالَّذِي) متعلّق بما قبله على سبيل التنازع؛ أي: بالتحميد والثناء والتمجيد (الذي هُوَ لَهُ أَهْلٌ) أي: يليق بجلاله وعظمته وكماله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وضمير "هو" عائد على اللَّه تعالى، وضمير "له" عائد على الموصول (وَفَرَّغَ) بتشديد الراء، من التفريغ (قَلْبَهُ لِلَّهِ) أي: جعل قلبه حاضرًا مع اللَّه تعالى، وخاليًا عما سواه، فهو كقوله في الحديث الآخر:"لا يُحدّث فيهما نفسه"(إِلَّا انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ) أي: كصفته وحالته (يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ") يجوز في "يوم" البناء على الفتح؛ لإضافته إلى جملة فعليّة فعلها ماض، ويجوز إعرابه بالكسرة، والأول أولى، وإلى هذا أشار في "الخلاصة" بقوله:
قال القرطبيّ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: معناه: لا يبقى عليه شيء، لا كبيرة، ولا صغيرةٌ، هذا ظاهره، وقد بيّنّا هذا المعنى في الطهارة. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تقدّم في "كتاب الطهارة" أن الجمهور على أن إطلاق هذا الحديث ونحوه مقيّد بالصغائر، جمعًا بينه وبين الأحاديث التي قيّدته بذلك، كحديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهنّ، إذا اجتنب الكبائر"، رواه مسلم.
(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١١٢٠ - ١١٢١ بزيادة من "حاشية الخضري" على "الخلاصة" ١/ ٣٠٥.