من حيث إن ظاهره أنه لا يرى التحديث إلَّا بما سمعه أكثر من سبع مرات، ومعلوم أن من سمع مرةً واحدةً جاز له الرواية، بل تجب عليه إذا تعيّن لها.
وجوابه أن معناه: لو لَمْ أتحققه، وأجزم به لَمَا حدثت به، وذَكَر المرّات بيانًا لصورة حاله، ولم يُرِدْ أن ذلك شرطٌ. انتهى، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عمرو بن عبَسَةَ -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٥٢/ ١٩٣٠](٨٣٢)، و (أبو داود) في "الصلاة"(١٢٧٧)، و (الترمذيّ) في "الصلاة"(٣٥٧٩)، و (النسائيّ) في "الطهارة"(١٤٧)، وفي "الصلاة"(٥٧٢ و ٥٨٤)، و (أحمد) في "مسنده"(٤/ ١١١ و ١١٢)، و (عبد بن حُميد) في "مسنده"(٢٩٨)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه"(١١٤٧)، والدارقطني في "سننه"(١/ ١٠٨)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(١١٤٦ و ١١٤٧)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(١٨٧٧)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان ما لقيه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من جراءة قومه عليه، وأذاهم له، وصدّهم عن سبيل اللَّه تعالى، فكان يستخفي عنهم حال أداء العبادة.
٢ - (ومنها): بيان فضل أبي بكر وبلال -رضي اللَّه عنهما-، حيث كانا سابقين إلى الإسلام.
٣ - (ومنها): بيان فضل عمرو بن عَبَسَة -رضي اللَّه عنه- وكمال عقله حيث كان يدرك في الجاهليّة أن الناس في ضلال حيث يعبدون الأوثان من دون اللَّه تعالى، فلما سمع ببعثة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج إليه مستخبرًا عنه، فلما علم أنه نبيّ من عند اللَّه بادر بالإسلام -رضي اللَّه عنه-.
٤ - (ومنها): بيان مشروعية سؤال الشخص العلماء عن أحكام دينه، وعَمَّا لَه في ذلك عند اللَّه من الأجر؛ لأن ذلك يبعثه على العمل به، وتزداد رغبته، ويَقْوَى نشاطه.