للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(صَلَاةٌ") مبتدأ، خبره الظرف قبله؛ أي: وقتُ صلاةٍ، أو المراد صلاة نافلةٌ، أو نُكِّرت لكونها تتناول كل عدد نواه المصلي من النافلة كركعتين، أو أربع، أو أكثر، ويَحْتَمِل أن يكون المراد به الحثّ على المبادرة إلى المسجد عند سماع الأذان لانتظار الإقامة؛ لأن منتظر الصلاة في صلاة، قاله الزين ابن المنيِّر -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

وقال في "النهاية": يريد بها السنن الرواتب التي تصلى بين الأذان والإقامة. انتهى (٢).

(قَالَهَا ثَلَاثًا) ولفظ البخاريّ: "بين كل أذانين صلاةٌ، بين كل أذانين صلاة، ثم قال في الثالثة: لمن شاء ولفظ النسائيّ: "بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كلّ أذانين صلاةٌ، لمن شاء".

قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- أراد بالأذانين: الأذان والإقامة، وغَلَّب عليهما اسم الأذان؛ لأن فيهما إعلامًا بالشروع في الصلاة، ووجه هذا الحديث أنه إذا أُذِّن للصلاة، فقد خرج وقتُ النهي، فتجوز الصلاة حينئذ. انتهى (٣).

وقال ابن الملك -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كَرّره تأكيدًا للحث على النوافل بينهما، وقال المظهر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إنما حرَّضَ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمته على صلاة النفل بين الأذانين؛ لأن الدعاء لا يُرَدّ بين الأذان والإقامة؛ لشرف ذلك الوقت، وإذا كان الوقت أشرف كان ثواب العبادة أكثر.

وقال القاري -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وللمبادرة إلى العبادة، والمسارعة إلى الطاعة، وللفرق بين المخلص والمنافق، وليتهيأ لأداء الفرض على وجه الكمال.

والحاصل أنه يسن أن يصلي بين الأذان والإقامة، وكَرِه أبو حنيفة النفل قبل المغرب؛ لحديث بريدة الأسلميّ -رضي اللَّه عنه-، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن عند كل أذانين ركعتين، ما خلا صلاة المغرب"، كذا ذكره بعض علمائنا. انتهى (٤).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: الحديث المذكور رواه الدارقطنيّ، ثم


(١) "الفتح" ٢/ ١٢٧.
(٢) "زهر الربى" ٢/ ٢٨ - ٢٩.
(٣) "المفهم" ٢/ ٤٦٨.
(٤) "مرقاة المفاتيح" ٢/ ٣٥٦.