للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البيهقيّ في "سننيهما" عن حيان بن عبيد اللَّه العدوي، حدثنا عبد اللَّه بن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن عند كل أذانين ركعتين ما خلا المغرب"، وذكره ابن الجوزي في "الموضوعات"، ونقل عن الفلاس أنه قال: كان حيان هذا كذابًا، قال العيني: الحديث رواه البزار في "مسنده"، فقال: لا نعلم من رواه عن ابن بريدة إلَّا حيان بن عبيد اللَّه، وهو رجل مشهور من أهل البصرة، لا بأس به. انتهى (١).

قال الجامع: سيأتي الجواب عما قاله العيني في المسائل الآتية في الحديث التالي -إن شاء اللَّه تعالى-.

(قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: "لِمَنْ شَاءَ") أي: لمن أراد أن يصلي، وفيه بيان أن قوله: "بين كل أذانين صلاة" على التخيير، لا على الإيجاب.

ولفظ البخاريّ: "بين كل أذانين صلاة، ثلاثًا لمن شاء"، وفي لفظ: "بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة"، ثم قال في الثالثة: "لمن شاء".

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذا يبيّن أنه لَمْ يقل: "لمن شاء" إلَّا في المرة الثالثة، بخلاف ما يُشعر به ظاهر الرواية الأولى من أنه قيّد كل مرّة بقوله: "لمن شاء".

وفي رواية لمسلم التالية، وهي رواية الإسماعيليّ: "قال في الرابعة: لمن شاء"، وكأن المراد بالرابعة في هذه الرواية المرة الرابعة؛ أي: اقتصر فيها على قوله: "لمن شاء"، فأطلق عليها بعضهم رابعة باعتبار مطلق القول، وبهذا توافق رواية البخاريّ (٢)، وفي حديث أنس -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا سلَّم سلّم ثلاثًا، وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا، رواه البخاريّ، وكأنه قال: بعد الثلاث "لمن شاء" ليدلّ على أن التكرار لتأكيد الاستحباب.

وقال ابن الجوزيّ: فائدة هذا الحديث أنه يجوز أن يتوهم أن الأذان للصلاة يمنع أن يفعل سوى الصلاة التي أُذّن لها، فبيّن أن التطوّع بين الأذان


(١) "عمدة القاري" ٥/ ١٣٨.
(٢) سيأتي في شرح الحديث التالي كلام لأبي الحسن بن القطّان أن قوله: "في الرابعة" مما وهم فيه سعيد الجريريّ؛ لاختلاطه، فالمحفوظ رواية كهمس هذه بلفظ: "في الثالثة"، وسيأتي الجواب عنه هناك -إن شاء اللَّه تعالى-.