(فَلْيَغْتَسِلْ") ولفظ البخاريّ: "إذا جاء أحدكم الجمعة، فليغتسل"، ورواية المصنّف بلفظ: "إذا أراد" تبيّن أن المراد من "جاء" في هذه الرواية إرادة المجيء، ونظير هذا قوله تعالى:{إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} الآية [المجادلة: ١٢]، فإن المعنى: إذا أردتم المناجاة، بلا خلاف.
ويقوِّي هذا حديثُ أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- الآتي قريبًا: "من اغتسل يوم الجمعة غُسل الجنابة، ثم راح. . . " فإنه صريح في تأخير الرواح عن الغسل.
وعُرف بهذا فساد قول من حمله على ظاهره، واحتجّ به على أن الغسل لليوم، لا للصلاة؛ لأن الحديث واحد، ومخرجه واحد، وقد بيّن المرادُ في هذه الرواية، وقوّاه حديث أبي هُريرة -رضي اللَّه عنه- الآتي، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما- هذا متَّفَقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنف) هنا [١/ ١٩٥١ و ١٩٥٢ و ١٩٥٣ و ١٩٥٤](٨٤٤)، و (البخاريّ) في "الجمعة" (٨٧٧ و ٨٩٤ و ٩١٩)، و (الترمذيّ) في "الصلاة" (٤٩٢ و ٤٩٣)، و (النسائيّ) في "الجمعة" (١٣٧٦ و ١٤٠٥) و"الكبرى" (١٦٧٦ و ١٦٧٨ و ١٦٧٧ و ١٦٧٩)، و (ابن ماجه) في "إقامة الصلاة" (١٠٨٨)، و (مالك) في "الموطأ" (٨٥)، و (الحميدي) في "مسنده" (٦٠٨ و ٦١٠)، و (أحمد) في "مسنده" (٢/ ٣ و ٤١ و ٤٢ و ٤٨ و ٥٥ و ٦٤ و ٧٥ و ٧٧ و ٧٨ و ١٠١ و ١٠٥ و ١١٥ و ١٤١ و ١٤٥)، و (الدارميّ) في "سننه" (١٥٤٤)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه" (١٧٤٩ و ١٧٥٠ و ١٧٥١)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): قال في "الفتح": رواية نافع، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- لهذا الحديث مشهورة جدًّا، فقد اعتنى بتخريج طرقه أبو عوانة في "صحيحه"، فساقه من طريق سبعين نفسًا، رووه عن نافع.
قال الحافظ: وقد تتبعت ما فاته، وجمعت ما وقع لي من طرقه في جزء