للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الإمام في الخطبة خاصّةً، قال: وفعلهم في ذلك مردود عند أهل العلم، وأحسن أحوالهم أن يقال: إنه لم يبلغهم الحديث.

قال الحافظ: للشافعي في المسألة قولان مشهوران، وبناهما بعض الأصحاب على الخلاف في أن الخطبتين بدل عن الركعتين أم لا، فعلى الأول يَحْرُم لا على الثاني، والثاني هو الأصح عندهم، فمن ثَمّ أطلق من أطلق منهم إباحة الكلام حتى شَنَّع عليهم من شنع من المخالفين.

وعن أحمد أيضا روايتان، وعنهما أيضًا التفرقة بين من يسمع الخطبة، ومن لا يسمعها، ولبعض الشافعية التفرقة بين من تنعقد بهم الجمعة، فيجب عليهم الإنصات دون من زاد، فجعله شبيهًا بفروض الكفاية.

واختَلَف السلف إذا خطب بما لا ينبغي من القول، وعلى ذلك يُحْمَل ما نُقِل عن السلف من الكلام حال الخطبة.

والذي يظهر أن مَن نَفَى وجوبه أراد أنه لا يشترط في صحة الجمعة، بخلاف غيره، ويدل على الوجوب في حقّ السامع أن في حديث عليّ المشار إليه آنفًا (١): "ومن دنا فلم يُنصِت كان عليه كفلان من الوزر"؛ لأن الوزر لا يترتب على من فعل مباحًا، ولو كان مكروهًا كراهة تنزيه.

وأما ما استَدَلَّ به من أجاز مطلقًا من قصة السائل في الاستسقاء ونحوه، ففيه نظر؛ لأنه استدلال بالأخصّ على الأعمّ، فيمكن أن يُخَصّ عموم الأمر


(١) هو ما أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- قال: "إذا كان يوم الجمعة خرج الشياطين يربثون الناس إلى أسواقهم، ومعهم الرايات، وتقعد الملائكة على أبواب المساجد، يكتبون الناس على قدر منازلهم، السابق والمصلي، والذي يليه، حتى يخرج الإمام، فمن دنا من الإمام، فأنصت، أو استمع، ولم يَلْغُ كان له كفلان من الأجر، ومن نأى عنه، فاستمع وأنصت، ولم يلغ، كان له كفل من الأجر، ومن دنا من الإمام فلغا، ولم ينصت، ولم يستمع، كان عليه كفلان من الوزر، ومن نأى عنه، فلغا، ولم ينصت، ولم يستمع، كان عليه كفل من الوزر، ومن قال: صه، فقد تكلم، ومن تكلم فلا جمعة له"، ثم قال: هكذا سمعت نبيكم -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وهو حديث ضعيف؛ لجهالة التابعيّ الراوي عن عليّ -رضي اللَّه عنه-، واللَّه تعالى أعلم.