سِيدَهْ، وَرَوَى ابن أبي حاتم في مناقب الشافعيّ، عن الربيع، عنه أن معنى "بيد": "من أجل"، وكذا ذكره ابن حبّان، والبغويّ، عن المزنيّ، عن الشافعيّ، وقد استبعده عياض، ولا بُعْدَ فيه، بل معناه: إنا سبقنا بالفضل، إذ هُدينا للجمعة، مع تأخرنا في الزمان، بسبب أنهم ضلّوا عنها مع تقدّمهم.
ويشهد له ما في "فوائد ابن المقري" من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- بلفظ:"نحن الآخرون في الدنيا، ونحن السابقون، أول من يدخل الجنة؛ لأنهم أوتوا الكتاب من قبلنا".
وفي "موطأ" سعيد بن عُفير، عن مالك، عن أبي الزناد، بلفظ:"ذلك بأنهم أوتوا الكتاب".
وقال الداوديّ: هي بمعنى "على"، أو "مع".
وقال القرطبيّ: إن كانت بمعنى "غير"، فالنصبُ على الاستثناء، وإن كانت بمعنى "مع"، فالنصبُ على الظرفية.
وقال الطيبيّ: هي للاستثناء، وهو من باب تأكيد المدح بما يشبه الذّمّ، والمعنى: نحن السابقون للفضل، غير أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ووجه التأكيد فيه ما أُدمج فيه من معنى النسخ؛ لأن الناسخ هو السابق في الفضل، وإن كان متأخرًا في الوجود، وبهذا التقرير يظهر موقع قوله:"نحن الآخرون" مع كونه أمرًا واضحًا. قاله في "الفتح".
وقال الحافظ وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "بيد" -بفتح الباء الموحدة، وإسكان الياء المثناة من تحتُ، وفتح الدال المهملة- وحَكَى بعضهم أنه يقال فيها:"ميد" بالميم، والمشهور أنها بمعنى "غير"، وقد جزم بذلك في "الصحاح"، وقال: يقال: هو كثير المال بيد أنه بخيل، وذكر في "المحكم" مثل ذلك عن حكاية ابن السِّكّيت، ثم قال: وقيل: هي بمعنى "على"، حكاه أبو عُبيد، والأول أعلى، وحَكَى في "المشارق" قولًا آخر أنها بمعنى "إلّا"، ثم قال: وقد تأتي بمعنى "من أجل"، ومنه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بيد أني من قريش"، وقد قيل ذلك في الحديث الأول، وهو بعيد. انتهى.
وأنشدوا على مجيئها بمعنى "من أجل" قولَ الشاعر [من الرجز]: