قال الخطابيّ رحمه الله تعالى: وحقيقة هذه الإضافة راجعة إلى العبد، في نصحه نفسه، فالله تعالى غنيّ عن نصح الناصح. انتهى.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: وقد حكى الإمام أبو عبد الله محمد بن نصر المروزيّ رحمه الله تعالى في كتابه "تعظيم قدر الصلاة" عن بعض أهل العلم هذا الحديث بما لا مزيد على حسنه، ونحن نَحكيه ها هنا بلفظه - إن شاء الله تعالى - قال محمد بن نصر: قال بعض أهل العلم: جِمَاعُ تفسير النصيحة هي: عنايةُ القلب للمنصوح له كائنًا مَن كان، وهي على وجهين:
[أحدهما]: فرضٌ، والآخر نافلةٌ، فالنصيحة المفترضة لله هي شدةُ العناية من الناصح باتباع محبة الله في أداء ما افتَرَضَ، ومجانبة ما حَرَّم، وأما النصيحة التي هي نافلة، فهي إيثار محبته على محبة نفسه، وذلك أن يَعْرِض له أمران: أحدهما لنفسه، والآخر لربه، فيبدأ بما كان لربه، ويؤخر ما كان لنفسه، فهذه جملة تفسير النصيحة لله الفرض منه، وكذلك تفسير النافلة، وسنذكر بعضه لِيَفْهَم بالتفسير مَن لا يَفهَم بالجملة.
فالفرض منها مجانبة نهيه، وإقامة فرضه، بجميع جوارحه، ما كان مطيقًا له، فإن عَجز عن الإقامة بفرضه لآفة حَلَّت به، من مرض، أو حبس، أو غير ذلك عَزَم على أداء ما افتُرض عليه متى زالت عنه العلة المانعة له، قال الله عز وجل:{لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى}[التوبة: ٩١] فسمّاهم محسنين؛ لنصيحتهم لله بقلوبهم لَمّا مُنِعوا من الجهاد بأنفسهم، وقد تُرْفَع الأعمال كلها عن العبد في بعض الحالات، ولا يرفع عنهم النصح لله، فلو كان مَنْ مَرِضَ بحالٍ لا يمكنه عملُ شيء من جوارحه بلسان ولا غيره، غير أن عقله ثابت لم يسقط عنه النصح لله بقلبه، وهو أن يَنْدَم على ذنوبه، وينوي إن صَحّ أن يقوم بما افتَرَض الله عليه، ويجتنب ما نهاه عنه، وإلا كان غير ناصح لله بقلبه، وكذلك النصح لرسوله - صلى الله عليه وسلم - فيما أوجبه على الناس، عن أمر ربه، ومن النصح الواجب لله أن لا يَرْضَى بمعصية العاصي، ويحب طاعة من أطاع الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وأما النصيحة التي هي نافلة لا فرض، فبذل المجهود بإيثار الله تعالى