للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بـ "أنا"؛ توكيدًا للضمير، على ما هو الأحسن عند النحويين، وقد اختار بعضهم النصب؛ بناءً على أن التشبيه وقع بملاصقة الإصبعين، واتّصالهما، واختار آخرون الرفعَ؛ بناءً على أن التشبيه وقع بالتفاوت الذي بين رؤوسهما، ويعني: أن ما بين زمان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقيام الساعة قريب كقرب السبّابة من الوسطى، وهو واقع، واللَّه أعلم (١).

وقد جاء من حديث المستورد بن شدّاد -رضي اللَّه عنه- عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "بُعثتُ في نفس الساعة، فسَبَقتها كما سبقت هذه" لإصبعيه السبّابة والوسطى (٢).

(كَهَاتَيْنِ") "ها" هي حرف تنبيه، و"تين" تثنية "تا" ضمير للمؤنّثة، مجرور بالكاف؛ أي: مثل هاتين الإصبعين (وَيَقْرُنُ) بضمّ الراء على المشهور الفصيح، وحُكي كسرها، قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٣).

وقال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قَرَنَ بين الحجّ والعمرة، من باب قَتَلَ، وفي لغة من باب ضَرَبَ: جَمَع بينهما في الإحرام. انتهى (٤).

(بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ) تقدّم أن فيها عشر لغات، وهي تثليث الهمزة، مع تثليث الموحّدة، والعاشرة أُصْبُوع، بالضمّ، بوزن عُصْفُور، وأفصحها كسر الهمزة، مع فتح الموحّدة، وقوله: (السَّبَّابَةِ) بالجرّ بدل من "إصبعيه"، ويجوز قطعها إلى الرفع بتقدير مبتدأ؛ أي: هي، والنصب بتقدير فعل؛ أي: أعني، وهي بتشديد الموحّدة: الإصبع التي تلي الإبهام، سُمّيت بذلك؛ لأنهم يشيرون بها عند السبّ (وَالْوُسْطَى) بضمّ الواو، مقصورًا، تأنيث الأوسط، وهي الإصبع التي تلي السبّابة.

قال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: التشجيه في المقارنة بينهما؛ أي: ليس بينهما إصبع أخرى، كما أنه لا نبيّ بينه -صلى اللَّه عليه وسلم- وبين الساعة، أو في قلّة التفاوت بينهما، فان الوسطى تزيد على المسبحة بقليل، فكأن ما بينه -صلى اللَّه عليه وسلم- وبين الساعة في القلّة قدرُ


(١) "المفهم" ٢/ ٥٠٦ - ٥٠٧.
(٢) أخرجه الترمذيّ ٤/ ٤٩٦، وهو ضعيف؛ لأن في سنده مجالد بن سعيد، ضعيف.
(٣) "شرح النوويّ" ٦/ ١٥٤.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٥٠٠.