للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: و"الهدي": السيرة، يقال: هُدي هَدْي زيد: إذا سار سيرته، من تهادت المرأة في مشيها: إذا تبخترت، ولا يكاد يُطلق إلا على طريقة حسنة، وسنّة مرضيّة، ولذلك حسُن إضافة الخير إليه، والشرّ إلى الأمور، واللام في "الهدي" للاستغراق؛ لأن أفعل التفضيل لا يضاف إلا إلى متعدّد، وهو داخل فيه، ولأنه لو لم تكن للاستغراق لم تُفد المعنى المقصود، وهو تفضيل دينه وسنّته على سائر الأديان والسنن. انتهى (١).

(وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا) مبتدأ وخبره، والجملة عطف على جملة "إن الحديث. . . إلخ"، ويجوز نصب "شرَّ" عطفًا على اسم "إنّ"، و"محدثاتها" عطف على خبرها، فيكون من عطف المعمولين على المعمولين، وبالرفع عطفًا على محلّ "إنّ" واسمها (٢).

قال في "الفتح": "المحدَثات" بفتح الدال جمع محدثة، والمراد بها ما أُحدث، وليس له أصل في الشرع، وُشممّى في عرف الشرع "بدعةً"، وما كان له أصل يدلّ عليه الشرع، فليس ببدعة، فالبدعة في عرف الشرع مذمومة، بخلاف اللغة، فإن كل شيء أُحدث على غير مثال يُسَمَّى بدعةً، سواء كان محمودًا، أو مذمومًا، وكذا القول في المحدَثة، وفي الأمر المحدَث الذي ورد في حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- مرفوعًا: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو ردّ". انتهى (٣).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يعني: المحدَثات التي ليس لها في الشريعة أصل يشهد لها بالصحّة والجواز، وهي المسمّاة بالبِدَعِ، ولذلك حُكم عليها بأنّ كل بدعة ضلالة، وحقيقة البدعة: ما ابتدئ، وافْتُتح من غير أصل شرعيّ، وهي التي قال فيها -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو ردّ" متّفقٌ عليه. انتهى (٤).

وقال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المراد: المحدثات في الدين، وعلى هذا فقوله:


(١) "الكاشف" ٢/ ٦٠٤.
(٢) راجع: "الكاشف" ٢/ ٦٠٤.
(٣) "الفتح" ١٣/ ٢٦٦ - ٢٦٧، طبعة دار الريان.
(٤) "المفهم" ٢/ ٥٠٨.