كان أولى به من نفسه؛ إذ قد فعل معه ما لم يَفعَل هو بنفسه، واللَّه تعالى أعلم.
وأما رواية من رواه:"أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم" في غير "صحيح مسلم"، فيَحْتَمِل أن يُحمَل على ذلك، ويَحْتَمِل أن يكون معناه: أنا أولى بالمؤمنين من بعضهم لبعض، كما قال تعالى:{أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}[النساء: ٦٦] أي: ليقتل بعضكم بعضًا في أَشهر أقوال المفسّرين.
قال: وهذا الكلام إنما قاله النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَفَعَ ما كان قرّر من امتناعه من الصلاة على من مات وعليه دين لم يترك له وفاءً، كما قاله أبو هريرة -رضي اللَّه عنه-: كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُؤتى بالميت عليه الدين، فيَسْأل:"هل ترك لدينه وفاءً؟ " فإن قيل: إنه ترك وفاءً صلّى عليه، وإن قالوا: لا، قال:"صلوا على صاحبكم"، قال: فلما فتح اللَّه عليه الفتوحَ قال: "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، من تُوفّي فترك دينًا، فعليّ، ومن ترك مالًا فلورثته". متّفقٌ عليه.
قال القاضي: وهذا مما يلزم الأئمة من الفرض في مال اللَّه تعالى للذرّيّة، وأهل الحاجة، والقيام بهم، وقضاء ديون محتاجيهم. انتهى (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٥/ ٢٠٠٥ و ٢٠٠٦ و ٢٠٠٧](٨٦٧)، و (أبو داود) في "كتاب الخراج والإمارة والفيء"(٢٩٥٤)، و (النسائيّ) في "الجمعة"(١٥٧٨) و"الكبرى"(١٧٨٦)، و (ابن ماجه) في "المقدّمة"(٤٥) و"كتاب الأحكام"(٢٤٠٧)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه"(١٧٨٥)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(١٠)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(١٩٥١ و ١٩٥٢ و ١٩٥٣)،