للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال النوويّ: قال الأزهريّ والأكثرون: الميم فيها زائدة، وهي مِفْعَلة، قال الهرويّ: قال الأزهريّ: غَلِطَ أبو عبيد في جعله الميم أصليةً، قال القاضي عياض: قال شيخنا ابن سراج: هي أصلية. انتهى.

وقال الشوكانيّ: وإنما كان إقصار الخطبة علامة فقه الرجل؛ لأن الفقيه هو المطّلع على جوامع الألفاظ، فيتمكّن بذلك من التعبير باللفظ المختصر عن المعاني الكثيرة. انتهى.

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "مَئِنّةٌ من فقهه" الرواية في هذا اللفظ "مَئِنّةٌ" بالهمز والقصر وتشديد النون، ووقع لبعضهم "مائنّة" بالمدّ، وهو غَلَطٌ، وكذلك كلُّ تقييد خالف الأول، قال الأصمعيّ: سألني شعبة عن "مَئِنّة"، فقلت: هو كقولك عَلامة، وخَلِيقٌ، قال أبو زيد: هو كقولك مَخْلَقَةٌ ومَجْدَرَةٌ، قال أبو عبيد: يعني: أن هذا مما يُعْرَف به فقه الرجل، ويُستدل به عليه، قال: وكل شيء دَلَّك على شيء فهو مئنة له، وأنشد لِلْمَرَّار:

فَتَهَامَسُوا سِرًّا فَقَالُوا عَرِّسُوا … مِنْ غَيْرِ تَمْئِنَةٍ لِغَيْرِ مُعَرَّسِ (١)

قال أبو منصور: والذي رواه أبو عبيد عن الأصمعيّ وأبي زيد في تفسير المئنة صحيحٌ، وأما احتجاجه برأيه ببيت المرَّار في التمئنة للمئنة، فهو غَلَطٌ وسهو؛ لأن الميم في التمئنة أصلية، وهي في مئنة مَفْعِلة، ليست بأصلية. انتهى) (٢).

(فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ) بقطع الهمزة، من الإطالة (وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ) بوصل الهمزة، وضمّ الصاد، من باب نصر، يقال: قَصَر الصلاةَ، ومنها قَصْرًا، ضدّ أطالها، هذه هي اللغة العالية التي جاء بها القرآن، قال الله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} والآية [النساء: ١٠١]، وقُصِرت الصلاةُ بالبناء للمفعول، فهي مقصورة، وفي حديث ذي اليدين -رضي الله عنه-: "أَقُصِرَتِ الصلاةُ؟ "، وفي لغة يتعدّى بالهمزة، والتضعيف، فيقال: أقصرتها، وقَصَّرتها، أفاده


(١) معناه: أي: لم يتأكّدوا من وقت التعريس، ويقال: أتاني فلانٌ ما مأنتُ مأنه، ولا شأنتُ شأنه؛ أي: لم أُفكّر فيه، ولم أتهيّأ له. انتهى. "المفهم" ٢/ ٥٠٤.
(٢) "لسان العرب" ١٣/ ٢٩، و"المفهم" ٢/ ٥٠٤.