للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفيّوميّ رحمه الله) (١).

وعلى هذه اللغة الأخيرة يجوز هنا: "وأَقْصِروا الخطبة"، بقطع الهمزة، رباعيًّا، فقول النوويّ رحمه الله في "شرحه": الهمزة في "واقصُروا" همزة وصل، إن أراد الرواية، فنعم، وإلا فيجوز قطعها؛ لما علمت آنفًا، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وليس هذا الحديث مخالفًا للأحاديث المشهورة في الأمر بتخفيف الصلاة، ولا لقوله في حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنهما- المتقدّم: "وكانت صلاته قصدًا، وخطبته قصدًا"؛ لأن المراد بحديث عمّار -رضي الله عنه هذا الذي نحن فيه أن الصلاة تكون طويلةً بالنسبة إلى الخطبة، لا تطويلاً يَشُقّ على المأمومين، وهي حينئذ قَصْدٌ؛ أي: معتدلة، والخطبة قصدٌ، بالنسبة إلى وضعها، قاله النوويّ رحمه الله) (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله: هذا الحديث ليس مخالفًا لقوله: "كانت صلاته قصدًا، وخطبته قصدًا"؛ لأن كلّ واحد قَصْدٌ في بابه، لكن الصلاة ينبغي أن تكون أطول من الخطبة مع القصد في كلّ منهما. انتهى) (٣).

وقال في "المرقاة": قال ابن الملك: المراد بهذا الطول ما يكون على وفاق السنة، لا أقصر منها، ولا أطول؛ ليكون توفيقاً بين هذا الحديث والحديث قبله. انتهى.

قال القاريّ: أقول: لا تنافي بينهما، فمان الأوّل دلّ على الاقتصاد فيهما، والثاني على اختيار المزيّة في الثانية منهما.

ثم لا ينافي هذا ما أخرجه مسلم في "صحيحه" عن أبي زيد عمرو بن أخطب -رضي الله عنه- قال: "صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الفجر، وصعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت الظهر، فنزل، فصلى، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل، فصلى، ثم صَعِد المنبر، فخطبنا حتى غربت الشمس، فأخبرنا بما كان وبما هو كائن، فأَعْلَمُنا أحفظنا"؛ لكونه نادرًا اقتضاه الوقت، ولكونه بيانًا


(١) راجع: "المصباح المنير" ٢/ ٥٠٥.
(٢) "شرح النووي" ٦/ ١٥٨ - ١٥٩.
(٣) "المفهم" ٢/ ٥٠٤.