للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعلانية باستعمال الورع في مطعمه ومشربه، وملبسه ومسكنه، بصيرًا بزمانه وفسادِ أهله فهو يحذرهم على دينه، مقبلًا على شأنه، مهمومًا بإصلاح ما فسد من أمره، حافظًا للسانه، مميزًا لكلامه، همه في درس القرآن إيقاعُ الفهم لما الزمه الله من اتباع ما أمر والانتهاء عما نهى، ليس همتُه: متى أختم السورة؟ بل همتُه: متى استغني بالله عن غيره؟ متى أكون من المتقين؟ متى أكون من المحسنين، متى أكون من المتوكلين؟ متى أكون من الخاشعين؟ متى أكون من الصابرين؟ متى أكون من الصادقين .. إلخ الصفات الحميدة والخلال الكريمة التي يسائل نفسه متى يبلغها؟ (١).

أما أبو موسى الأشعري رضي الله عنه وهو من يُعرف بحسن التلاوة لكتاب الله، فقد روي أنه جمع الذين قرءوا القرآن- وهم قريبٌ من ثلاثمائة، فعظم القرآن وقال: إن هذا القرآن كائن لكم ذخرًا وكائن عليكم وزرًا، فاتبعوا القرآن ولا يتبعكم، فإنه من اتبع القرآن هبط به على رياض الجنة، ومن اتبعه القرآن زخَّ به في قفاه فقذفه في النار» (٢).

يا حامل القرآن إياك أن ترائي بحمله، أو تتكبر فتغمط أحدًا حقه أن آتاك اللهُ القرآن .. ولا خير فيك إن لم يهذب القرآن خلقك، ويحببك للناس ويحبب الناس إليك، بل وينبغي أن تسجد لله شكرًا أن آتاك القرآن، وتحمده سرًا وجهرًا وظاهرًا وباطنًا أن جعلك من أهل القرآن، فلم تحفظه بحولك وقوتك، ولا بفرط ذكائك وقوة صبرك بل بحول الله وتوفيقه وإعانته .. فهناك من يفوقك في هذه الصفات كلها ولم تمكنه هذه القدرات كلها في حفظ كتاب الله. فاعقل وثمن نعمة الله عليك واعلم أنك ممتحن فيها، فاشكر الله عليها، وأدِّ حق الله فيها،


(١) الآجري، أخلاق أهل القرآن (٧٩)، محمد الدويش، حفظ القرآن ٦١.
(٢) الدارمي (٣٣٢٨)، والآجري (٣)، وانظر: حفظ القرآن ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>