للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} (١). فهم سعداء في حياتهم وبعد مماتهم وقيل إن الضمير في قوله (محياهم ومماتهم) يعود على الكفار، والمعنى: محياهم محيا سوء، ومماتهم ممات سوء.

وقال مجاهد: «المؤمن يموت مؤمنًا ويبعث مؤمنًا، والكافر يموت كافرًا ويبعث كافرًا» (٢).

وقوله تعالى: {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} أي ساء ما ظنوا بنا وبعد لنا أن نساوي بين الأبرار والفجار في الدار الآخرة وفي هذه الدار (٣).

أخوة الإسلام والمتأمل في آيات القرآن يلحظ الحديث عن معدل الله وبيان حكمته من خلق السماوات والأرض أو مؤخرًا حين الحديث عن فروق الجزاء بين الكفار والمؤمنين وبين المتقين والفجار، وحيث جاء ذكرُ العدل مؤخرًا في آية الجاثية السابقة، فقد جاء مقدمًا في آيات (ص) كما في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (٢٧) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} (٤).

أيها المسلمون وهذه الآيات ونظائرها داعية للإيمان مؤنسة للمؤمنين، وفيها الوعيد للكفار، وهي تكشفت عن نوع الحياة التي يعيشها الفريقان في الحياتين، وفيها مبشرات عاجلة لأهل الإيمان لا تبديل لكلمات الله، ولا مغير لحكمه، وحري بأهل الإيمان أن يفرحوا بهذه الآيات ونظائرها، قال تعالى: {أَلا إِنَّ


(١) سورة الجاثية، الآيتان: ٢١، ٢٢.
(٢) تفسير القرطبي ١٦/ ١٦٥، ١٦٦.
(٣) تفسير ابن كثير ٤/ ٢٤١.
(٤) سورة ص، الآيتان: ٢٧، ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>