للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله هو المقر لكل شيء: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا} (١). أي: مقتدرًا يُعطي كلَّ إنسانٍ قوته (٢).

لا إله إلا الله ينفردُ وحده بالربوبية والألوهية، ويختص وحده ببسط الرزق أو تقديره: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} (٣).

ولا إله إلا الله امتد رزقه فضلًا عن العقلاء، فرزق الطير في أوكارها، والسباعَ في جحورها، والحيتان في قاع البحار والمحيطات، وشمل رزقه الدواب بأنواعها وصدق الله: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} (٤).

معاشر المسلمين تأملوا عظمة الله وإحسانه وكمال قدرته فالذي لا يَحْملُ الرزق يُحمل له، والذي لا يملك قوتَ يومه أو غده ييسره الله له: {وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (٥).

ومن لطائف ما يُذكر في تفسير هذه الآية: أن الغُراب إذا فقس عن فراخِه البَيْضَ خرجوا وهم بيضٌ، فإذا رآهم أبواهم كذلك نفرا عنهم أيامًا حتى يَسْوَدَّ الريشُ فيظل الفرخُ فاتحًا فاه يتفقد أبويه، فيقيضُ الله تعالى طيورًا صغارًا كالبرغش فيغشاه فيتقوت به تلك الأيام حتى يسودَّ ريشه، والأبوان يتفقدانه كل وقت، فكلما رأوه أبيض الريش نفروا عنه، فإذا رأوه قد اسودَّ ريشه عطفا عليه بالحضانة والرزق (٦).


(١) سورة النساء، الآية: ٨٥.
(٢) شرح السنة؟ للبغوي ١٤/ ٢٤٥.
(٣) سورة سبأ، أية: ٣٦.
(٤) سورة هود، أية: ٦.
(٥) سورة العنكبوت، أية: ٦٠.
(٦) تفسير ابن كثير للآية: ٣/ ٦٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>